للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبكاء الصَّغِير ويعار١ الشَّاء؟ قَالُوا: سَاق مَالك مَعَ النَّاس أَمْوَالهم وعيالهم [قَالَ٢] : أَيْن مَالك؟ قيل: هَذَا مَالك، فَسَأَلَهُ: لم فعلت ذَلِك؟ فَقَالَ مَالك: لِيُقَاتِلُوا عَن أَهْليهمْ وَأَمْوَالهمْ فَقَالَ دُرَيْد: راعي٣ ضَأْن وَالله، وَهل يرد المنهزم شَيْء؟ إِنَّهَا إِن كَانَت لَك لم ينفعك إِلَّا رجل بسلاحه، وَإِن كَانَت عَلَيْك فضحت فِي أهلك وَمَالك. ثمَّ قَالَ: مَا فعلت كَعْب وكلاب؟ قَالُوا: لم يشهدها مِنْهُم أحد، قَالَ دُرَيْد: غَابَ الْحَد٤ وَالْجد، لَو كَانَ يَوْم عَلَاء ورفعة لم تغب عَنهُ كَعْب وكلاب ولوددت أَنكُمْ فَعلْتُمْ مَا فعلت كلاب وَكَعب، فَمن شَهِدَهَا [من٥ بني عَامر؟] قَالُوا: عَمْرو بْن عَامر، وعَوْف بْن عَامر، قَالَ: ذَانك الجذعان٦ من عَامر لَا ينفعان وَلَا يضران، يَا مَالك إِنَّك لم تصنع بِتَقْدِيم بَيْضَة٧ هوَازن إِلَى نحور الْخَيل شَيْئا، ارفعهم إِلَى مُمْتَنع بِلَادهمْ وعليا قَومهمْ، ثمَّ الْقَ الصُّبَاةَ٨ على متون الْخَيل، فَإِن كَانَت لَك لحق بك من وَرَاءَك، وَإِن كَانَت عَلَيْك كنت قد أحرزت أهلك وَمَالك. فَأبى ذَلِك مَالك وخالفت هوَازن دريدا واتبعوه، فَقَالَ دُرَيْد: هَذَا يَوْم لم أشهده وَلم يغب عني:

يَا لَيْتَني فِيهَا جَذَعْ ... أَخُبُّ فِيهَا وَأَضَعْ٩

وَبعث [إِلَيْهِم] ١٠ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ بْن أبي حَدْرَد الْأَسْلَمِيّ عشَاء، فَأتى بعد أَن عرف مذاهبهم، وَأخْبر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا شَاهده مِنْهُم.

فعزم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قصدهم، واستعار من صَفْوَان بن أُميَّة بن خلف


١ يعار الشَّاء: صَوتهَا.
٢ زِيَادَة من رو ابْن هِشَام وَغَيره.
٣ يجهله بذلك ويسخر مِنْهُ.
٤ الْحَد: المضاء فِي الْأَمر.
٥ زِيَادَة من ابْن حزم وَغَيره يقتضيها السِّيَاق.
٦ الْجذع: الشَّاب الْحَدث غير المجرب.
٧ بَيْضَة هوَازن: أصلهم وجماعتهم.
٨ الصباة: جمع صابيء، وَكَانَ الْكفَّار ينعتون الْمُسلمين بِأَنَّهُم صباة خَرجُوا على دين آبَائِهِم.
٩ الخبب والوضع: ضَرْبَان من السّير، يتَمَنَّى لَو كَانَ شَابًّا لَهُ حَرَكَة الشَّبَاب واندفاعهم ليظْهر بلاءه فِي تِلْكَ الْحَرْب.
١٠ زِيَادَة من ابْن هِشَام.

<<  <   >  >>