للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بخار)

الآجام والبحيرات والخنادق وَنَحْوهَا الَّتِي يرْتَفع مِنْهَا بخار منتن وَلَا مجاري أقذار مَدِينَة عَظِيمَة وَلَا عفونة بقول أَو حبوب أَو جيف وَلَا يكون غائراً محتقناً بالجبال الَّتِي لَا تتحرك وَلَا تهب فِيهَا فَيكون كالمتقرح العفن وَأما اخْتِلَاف الْهَوَاء فِي الْحر وَالْبرد واليبس والرطوبة فَإِنَّهُ غير مُوَافق للنَّاس كلهم لِأَن الْأَبدَان المعتدلة يُوَافِقهَا الْهَوَاء المعتدل وَالَّتِي تفرط فِيهَا بعض الكيفيات فتنتفع بالهواء المضاد.

لى: كَأَن جالينوس يحْسب أَن الْهَوَاء الْجيد إِنَّمَا جيدا بِسَبَب غير الكيفيات وَكَذَا الرَّدِيء فَيكون ذَلِك الْهَوَاء الَّذِي هُوَ عِنْده جيد على مَا قَالَه مُوَافقا لجَمِيع النَّاس وبالضد وَفِي هَذَا نظر وَشك.

الثَّانِيَة من الأخلاط يَنْبَغِي للطبيب أَن يسْأَل أهل كل بلد عَن الْأَعْرَاض الَّتِي تعتادهم إِذا كَانَ مزاج الْبَلَد كمزاج فصل من فُصُول السّنة فَإِن الْأَمْرَاض الْخَاصَّة بذلك الْفَصْل خَاصَّة بذلك الْبَلَد وَإِذا كَانَ الْبَلَد يسخن ويبرد فِي يَوْم وَاحِد حدثت فِيهِ أمراض خريفية وَمَا كَانَ من الرِّيَاح يتَوَلَّد من لجج الْبَحْر فَهُوَ أَجودهَا كلهَا والمتولد من بخارات الْمَعَادِن وَالْآجَام والغياض ردية.

قَالَ: الْبلدَانِ الحارة الْيَابِسَة يضر بهَا الصَّيف وَكَذَا فِي جَمِيع الكيفيات الْأُخَر. وَأما أهل بلد قرانون فَإِن الحميات تكْثر فِيهَا فِي الخريف وَمن لم يحم مِنْهُم لَا بُد أَن يسترخي بدنه بِسَبَب عفونة آجام قريبَة مِنْهُم وتحدث بهم اليرقان والأطحلة من أمراض الخريف إِذا كَانَ الصَّيف ربيعياً لم تكن الحميات حارة جدا وَلَا يابسة وَلَا لَهَا خشونة على اللِّسَان بل تكون أحسن حَالا وَأكْثر عرقاً وَإِذا كَانَ الرّبيع شتوياً عرض السعال وَذَات الْجنب والخناق. إِذا تقدم الشتَاء فِي آخر الخريف حدثت الْأَمْرَاض الشتوية إِذا أفرط زمَان التَّقَدُّم فَإِنَّهُ يرجع بعد إِلَى حَاله فِي الْأَكْثَر وَتَكون الْأَمْرَاض مختلطة بِحَسب ذَلِك وَإِن صادفت برودة الزَّمَان بدناً بلغمياً كَانَ سَببا لحدوث الصرع والسكتة والفالج وَنَحْوه وَإِن صادفت الْحَرَارَة بدناً مرارياً أحدثت الْجُنُون والحمى المحرقة وَنَحْوه.

الْجنُوب تثقل السّمع وَالْبَصَر وَالرَّأْس وترخي وتكسل وتهيج القروح العفنة وتثير العفن.

قَالَ: وَمَتى هبت الشمَال فتوقع السعال ووجع الْحلق ويبس الطبيعة وعسر الْبَوْل.

قَالَ أبقراط: الحميات تتبع عدم الْمَطَر وكثرته. قَالَ ج: يَعْنِي أَن الحميات قد تكون عِنْد كَثْرَة الْمَطَر وَعند عَدمه أَيْضا وَأَنا أَحسب أَنه يُرِيد أَن الحميات تكون عِنْد كَثْرَة الْمَطَر وتقل عِنْد قلته.)

قَالَ ج: الْحمى تحدث فِي حَال الْهَوَاء الْحَاء وَالرّطب واليابس وَلَا تحدث فِي حَال الْهَوَاء الْبَارِد إِلَّا فِي الْأَقَل وَانْظُر حرارة الْهَوَاء وبرودته وَعدم الْمَطَر وَكَونه مَعَ الشمَال وَمَعَ الْجنُوب فَإِن ذَلِك أَمر عَظِيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>