للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِك أَنْت مِنْهُ وَذَلِكَ إِن تتوقى تجبنه بِأَن تستعمله قَلِيلا بعد قَلِيل. وممكن أَن تدفع هَذَا الْعَارِض بِأَن تجْعَل مَعَه عسلاً أَو مَاء الْعَسَل قَلِيلا لِأَن الْعَسَل وماءه يَسْتَحِيل إِلَى المرار سَرِيعا وَيجْعَل الْحمى ألف هـ أَشد يبساً وحدة فاحذره مَا أمكن. وَالْملح الْمَأْكُول يمْنَع أَيْضا تجبنه أَن طرح فِيهِ قَلِيلا.

قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن تعطيه مَا يمْنَع التجبن مِمَّا لَا يسخن وتسقه ذَلِك قَلِيلا قَلِيلا فَإِنَّهُ أَحْمد الْأَشْيَاء.

قَالَ: وَأدْخل الأتان عَلَيْهِ واسقه سَاعَة يحلب وتفقد النبض بعد سَاعَة فَإِن فسد وجدت النبض كنبض من عرض لَهُ ضغط فِي معدته لي احسبه يُرِيد هَهُنَا تجبناً قَالَ: وَإِن انهضم نعما وجدت النبض أعظم وَأقوى فيمكنك عِنْد ذَلِك أَن تزيد فِي السقية الثَّانِيَة فِي الْمِقْدَار نصف قوانوس ثمَّ تزيد أَيْضا نصفا آخر حَتَّى يصير إِلَى الْمِقْدَار المعتدل على مَا أعلمتك فِي مداواة سوء المزاج الْيَابِس فِي الْمعدة فَعَلَيْك بِقِرَاءَة ذَلِك الْموضع فَإِن العلاج مُشْتَرك لَهما وَلَكِن بِحَسب حرارة الدق صرنا فِي علاجه نحتاج إِلَى أَشْيَاء أبرد إِلَى اسْتِقْصَائِهِ كَيْلا ينَال الْبدن مضرَّة من مداواته بأَشْيَاء قَوِيَّة.

فَمن وَقع من أَصْحَاب الدق فِي ذبول فَلْيَكُن استحمامه على مَا وصفت وَأما من بِهِ دق وَلم يلْحقهُ ذبول فعلاجه بِمَا أَقُول يُمكن: أَن يدْخل الْحمام من غير حمل على مقرمة بل على محفة ثمَّ يمشي إِلَى المَاء الْحَار ويطيل فِيهِ الْمكْث وَمن كَانَ مِنْهُم شَدِيد الضعْف فَلَا يدْخل حَوْض المَاء الْبَارِد بل يصب عَلَيْهِ مِنْهُ خَارِجا بعد صب مَاء فاتر وَليكن قدر برودته كبرودة مَاء المصانع)

أَعنِي فِيمَا بَين الْبُرُودَة الْمُؤَلّفَة والفتورة المرخية وَلَا يكون كأحدهما فَإِن فعلت هَذِه الْأَشْيَاء بِصَاحِب الدق نجته وَإِن وَقع فِي شَيْء مِنْهَا خطأ فسد ذَلِك كُله وَلَو كَانَ الْخَطَأ قَلِيلا وَمن برأَ من أَصْحَاب الذبول بِمَا ذكرنَا برأَ برءاً تَاما فَإِنَّمَا يبرأ من الذبول فِي لَحْمه فَقَط وَأما من يَبِسَتْ أعضاؤه الْأَصْلِيَّة فَغير مُمكن أَن يبرأ تَاما وَهَذَا لَا بُد أَن يَمُوت أَو يَقع فِي الذبول الْبَارِد لِأَن الْحمى تفنى أَولا الرُّطُوبَة الخاصية بالأعضاء المشاكلة لَهَا الَّتِي تغتذي مِنْهَا فتنتقل من هَذِه الرُّطُوبَة الَّتِي فِي اللَّحْم الْمُحِيط بِلِيفٍ الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَبِمَا فِيهَا من جنس الأغشية ثمَّ تَأْخُذ بعد ذَلِك فِي نفس الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة.

قَالَ: تحلل الْبدن بالذوب إِلَى بَاطِنه وبالتحلل الْخَفي فَمَتَى كَانَ الْبدن رطبا كَانَ مَا يذيبه مِنْهُ إِلَى بَاطِنه ظَاهرا للحس كثيرا وبالضد أَن كَانَ الْبدن عضلانياً يَابسا عديم الشَّحْم على مَا تَجدهُ يكون فِي اللَّحْم ألف هـ الَّذِي يلبث فَإِن الرُّخص يسيل مَه شَيْء كثير واليابس يتَحَلَّل مِنْهُ أَكثر مِمَّا يسيل.

قَالَ: وَمن أعظم الدَّلَائِل على أَخذ الحميات الدق الحادة فِي إذابة الْأَعْضَاء مَا يسيل فِي البرَاز من الدهنية وَالدَّسم وَهَؤُلَاء إِن لم يُبَادر بالعلاج وَقَعُوا فِي الذبول وَحِينَئِذٍ لَا يسيل مِنْهُم شَيْء لِأَن مَا كَانَ يذوب قد ذاب وَخرج وَلَيْسَ يذوب من جور العضل والليف شَيْء.

<<  <  ج: ص:  >  >>