للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بقاياه مُنْذُ ذَلِك قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى تَنْقَضِي وأعني بِقَوْلِي يجْتَمع الْأَمْرَانِ وَيَمُوت أَي ينْتَقل دفْعَة إِلَى مَا هُوَ أردى ثمَّ يزِيد قَلِيلا قَلِيلا إِلَى أَن يقتل.

قَالَ: وَأَنا واصف أَولا التَّغَيُّر الَّذِي يكون دفْعَة إِلَى الصِّحَّة لِأَن هَذَا النَّحْو أفضل جَمِيع الأنحاء وَلذَلِك يخص باسم البحران مُطلقًا دون الأنحاء الْبَاقِيَة وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يكون عِنْد علته الطبيعية بِالْحَقِيقَةِ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاء الْخَارِجَة من الطبيعة وَأما سَائِر أنحاء التَّغْيِير فَلَيْسَ مِنْهَا شَيْء يُسمى بحراناً بقول مُطلق وَذَلِكَ أَن الانقلاب إِلَى الْمَوْت الْخَبيث إِنَّمَا يُسمى بحراناً ردياً وَأما التَّغَيُّر الَّذِي يمِيل فِيهِ الْمَرَض ميلًا بَينا إِلَى الصِّحَّة أَو الْمَوْت وَلَا يتم بِهِ أَخذ الْأَمريْنِ فيسمى بحراناً نَاقِصا وَأما التَّغَيُّر الَّذِي يكون قَلِيلا قَلِيلا إِلَى الصِّحَّة أَو الْمَوْت فَلَا يُسمى بحراناً.

قَالَ: والتغير الْخَبيث الَّذِي يكون إِلَى الصِّحَّة لَا يكون إِلَّا باستفراغ الْبَين أَو خراج عَظِيم وكل مرض يسكن بِغَيْر هذَيْن فَإِنَّهُ يعاود أَخبث مِمَّا كَانَ ويتقدم الاستفراغ وَظُهُور الْخراج اضْطِرَاب شَدِيد وَذَلِكَ أَنه يعرض للْمَرِيض قلق وأرق واختلاط فِي الذِّهْن وسبات وَتغَير فِي النَّفس ودوار وَثقل فِي الْجِسْم وصداع وأوجاع فِي الرَّقَبَة وَفِي الْمعدة وَفِي مَوَاضِع أُخْرَى كَثِيرَة ويعرض أَحْيَانًا طنين ودوي فِي الْأذن وَيرى أَمَامه شَبِيها بالشعاع وتجري دُمُوعه بِلَا إِرَادَة ويحتبس بَوْله وتختلج شفته ويصيبه فِي عُضْو دون عُضْو رعشة ويعرض لَهُ نِسْيَان وينكر معرفَة من حضر وَمَا يرى ويصيبه نافض شَدِيد ويتقدم نوبَة حماه فِي أَكثر الْأَمر ويصيبه تلهب شَدِيد وعطش غير مُحْتَمل ويصيح ويثب كالهائم ويستقر مضجعه ثمَّ ينبعث مِنْهُ دفْعَة عرق غزير أَو قيء أَو اخْتِلَاف أَو دم أَو اثْنَتَانِ من هَذِه أَو كلهَا مَعًا وَعند هَذِه الْحَال يهول الْجُهَّال مَا يرَوْنَ وَلَا يهول الطَّبِيب إِذا كَانَ قد علم مَا تؤول الْحَال إِلَيْهِ.

تعرف البحران الْجيد والردى قَالَ: أول مَا يَنْبَغِي أَن ينظر فِيهِ النضج فَإِنِّي قد رَأَيْت مل لَا أحصيه من المرضى كَثْرَة فَلم أر احداً مَاتَ مِمَّن أَتَاهُ البحران بعد النضج وَيَنْبَغِي أَن ينظر فِي النضج من فضول الْعُضْو الَّذِي فِيهِ الْعلَّة وَتجْعَل أَكثر قصدك إِلَى ذَلِك فَأول العلامات الدَّالَّة على)

جودة البحران الْحَاضِر وَأَعْظَمهَا النضج والعلامة الثَّانِيَة أَن يكون فِي يَوْم باحوري قد سبق فَأَنْذر بِهِ يَوْم إنذار مواصل لَهُ فِي وقته ثمَّ بعد ذَلِك طبيعة الْمَرَض وسجيته أَعنِي طبيعة الْمَرَض: أَن يكون حمى غب أَو محرقة أَو ذَات الْجنب أَو نائبة كل يَوْم أَعنِي بسحنته: سهلاً سليما أَو ردياً أَو خبيثاً ثمَّ بعد هَذِه أَن تكون أَيَّام البحران مشاكلة لطبيعة الْمَرَض فَإِن الْحمى إِن كَانَت محرقة فَالْوَاجِب أَن يكون أَيَّام البحران برعاف أَو يُصِيب الْمَرِيض نافض قوى ثمَّ يعرق عرقاً حاراً غزيراً شَامِلًا للبدن كُله وينقى وَيخْتَلف مرَارًا وَكَذَلِكَ إِن كَانَت الْحمى غبا فَوَاجِب أَن يكون بحرانها يَفِي مرَارًا وَكَذَلِكَ إِن كَانَ اخْتِلَاف مِنْهُ أَو عرق كثير فِي الْبدن كُله وَإِن كَانَت النائبة كل يَوْم فَوَاجِب أَن يستفرغ بلغماً كثيرا من الْبدن كُله وَإِن كَانَت الْحمى مَعَ ورم حَار فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>