للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أَن الْمَرَض طَوِيل مزمن وَإِن جَاءَت عَلَامَات التزيد فِي الرَّابِع أَو بعده إِلَى السَّابِع فَيجب أَن تتَوَقَّع شَيْئا يحدث فِي الرَّابِع عشر وتقف على ذَلِك أَكثر فِي الْحَادِي عشر فَإِنَّهُ إِن اتّفقت فِيهِ كَثْرَة تزيد حَرَكَة الْمَرَض وَقُوَّة الْحمى وعلامة بَيِّنَة للنضج فالبحران كَائِن فِي الرَّابِع عشر لَا سِيمَا إِن ساعد الْوَقْت وَسَائِر الْأَشْيَاء فَإِن ظَهرت فِي الرَّابِع عشر عَلامَة النضج فَقَط وَلم تتبين سرعَة حَرَكَة الْمَرَض وقوته فَلَا يكون البحران فِي الرَّابِع عشر.

وَإِن ضاد أَيْضا ذَلِك الْوَقْت وَسَائِر الْأَشْيَاء والمزاج الْبَارِد فَلَا تطمع فِي البحران قبل الْعشْرين.

فَإِن اخْتلطت العلامات وزادت عَلَامَات النضج زِيَادَة كَثِيرَة فِي الرَّابِع عشر فتفقد السَّابِع عشر فَإِنَّهُ إِن ظَهرت فِيهِ وَلَو أدنى الدلالات كَانَ البحران فِي الْعشْرين.

لي: أرى أَن الْخَطَأ لَيْسَ كُله يُؤَخر البحران لَكِن مِنْهُ مَا يقدمهُ وَذَلِكَ أَن الْغذَاء وَجَمِيع مَا يبرد يُؤَخِّرهُ والهم والفزع وَجَمِيع مَا يحد المزاج يقدمهُ.

مِثَال آخر قَالَ: أنزل أَنَّك رَأَيْت مَرِيضا آخر فتوقعت أَن يكون بحرانه فِي الرَّابِع عشر فابتدأ بحرانه يكون فِي الْحَادِي عشر إِمَّا بِعظم الْمَرَض وَشدَّة قوته وَسُرْعَة حركته أَو لسَبَب آخر هيجة من خَارج.)

أَقُول: إِنَّه لَا يُمكن أَن يكون ذَلِك البحران تَاما وَلَا حميدا وَيجب أَن يخَاف على الْمَرِيض مِنْهُ أَشد تخويف وخاصة إِن كَانَ الْمَرَض خبيثا فَإِن كَانَ الْمَرَض سليما فَإِنَّهُ على حَال لَا يَخْلُو أَن يكون مَعَ بحرانه هَذَا أَعْرَاض صعبة أَو تعاود الْحمى بعد البحران فَهَذَا مبلغ قُوَّة النضج وَإِذا كَانَ النضج هَكَذَا بِقدر الْحَاجة إِلَيْهِ وَكَانَ إِنَّمَا يكون فِي مُنْتَهى الْمَرَض فالحاجة الْعَظِيمَة هِيَ أَن تعرف مُنْتَهى الْمَرَض وَذَلِكَ أَن كل مرض لَا يَأْتِي فِيهِ البحران فِي وَقت انتهائه فَلَا يَأْتِي فِيهِ ضَرُورَة فِي انحطاطه وكل مرض يُجَاوز انتهاؤه بِغَيْر بحران فَإِنَّمَا يذهب بالتحلل الْخَفي وَلَا يخَاف أَيْضا على الْمَرِيض الْمَوْت بعد انْتِهَاء الْمَرَض.

وَقد يظنّ بِقوم أَنهم مَاتُوا فِي انحطاط الْمَرَض إِلَّا أَن هَؤُلَاءِ مَوْتهمْ إِنَّمَا كَانَ لشَيْء غير هَذَا الْمَرَض وَجَمِيع من يَمُوت فِي الانحطاط يَمُوت من خطأ يعرض.

وَلَيْسَ يُمكن بعد نضج الأخلاط واستحالتها وَقُوَّة الطبيعة عَلَيْهَا أَن يَمُوت الْمَرِيض أَن دبر على مَا يجب. وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ العليل قد احْتمل أَشد أَوْقَات الْمَرَض وجاهده فِي علته فَلَيْسَ يُمكن بعد هَذَا أَن يغلبه هَذَا الْمَرَض.

لي: إِنَّمَا قَالَ: أنزل أَن مَرِيضا قدرت أَن يَجِيء بحرانه فِي الرَّابِع عشر على حسب مَا شهد لَهُ النضج فجَاء فِي الْحَادِي عشر فَهَذَا الْمَرِيض لم يجئه البحران بعد النضج الْكَامِل لِأَن تَقْدِير النضج الْكَامِل كَانَ بِحَال يُرِيد أَن يكون البحران فِي الرَّابِع عشر فَإِنَّمَا وضع هَذَا مِثَالا للمرضى الَّذين يجيئهم البحران قبل استحكام النضج.

قَالَ: وَالْقِيَاس والتجربة يوجبان أَلا يَمُوت الْمَرِيض بعد النضج الْكَامِل وَلَيْسَ يُمكن

<<  <  ج: ص:  >  >>