للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَن يعرف هَل يَمُوت الْمَرِيض أم لَا بِمَعْرِِفَة مُنْتَهى الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَ مريضان متساويين فِي الْأَمر إِلَّا فِي وَقت الْمُنْتَهى فقد يُمكن أَن يسلم أَحدهمَا وَيَمُوت الآخر. وَالَّذِي يسلم يكون أقربهما مُنْتَهى وبالضد لِأَن الْقُوَّة يُمكن أَن تخور من الثَّانِي قبل الْمُنْتَهى.

مِثَال: لنضع أَن مَرِيضا لَا يجوز أَن يَنْتَهِي مَرضه قبل الْعشْرين وَآخر يَنْتَهِي مَرضه فِي الثَّالِث عشر وقوتهما مُتَسَاوِيَة فَإِن البحران يأتيهما فِي الرَّابِع عشر. أَقُول: إِن الَّذِي مَرضه قد انْتهى يتم لَهُ البحران وَيصِح وَالَّذِي لم ينْتَه مَرضه يُمكن أَن يَأْتِيهِ البحران السوء وَإِن أَتَاهُ بحران غير كَامِل لم تقو الطبيعة على مَا بَقِي بعد ذَلِك من الْمَرَض إِلَى وَقت الْمُنْتَهى لَكِن تخور قبل ذَلِك فَيَمُوت.)

قَالَ: فَلَيْسَ يُمكن أحد أَن يعلم حَال الْمَرِيض هَل يسلم أَو يَمُوت دون أَن يقف على مُنْتَهى الْمَرَض وَقُوَّة الْمَرِيض وطبيعة الْمَرَض فِي الشدَّة وَغير ذَلِك كَمَا أَنه لَا يقدر أحد أَن يعلم من أَمر حمال عَلَيْهِ حمل: هَل يقوى أَن يبلغ بِهِ الْموضع الَّذِي يُريدهُ دون مَعْرفَته قُوَّة الْحمال وَقُوَّة الْحمل ومسافة الطَّرِيق وَذَلِكَ أَن قُوَّة الْحمال بِمَنْزِلَة قُوَّة الْمَرِيض وَثقل الْحمل بِمَنْزِلَة صعوبة الْمَرَض ومسافة الطَّرِيق بِمَنْزِلَة مَا بَين ابْتِدَاء الْمَرَض ونهايته وَالْأَمر يضْطَر أَن لَا يَعْنِي بِشَيْء أَكثر من الْعِنَايَة بمنتهى الْمَرَض وَذَلِكَ أَن البحران الْجيد وَغير والناقص وَغَيره وَأمر الْغذَاء وَأمر الْمَوْت والنجاة مُتَعَلق بِهِ.

إِذا كَانَ الْمَرَض سليما وَهُوَ أَن تكون الْقُوَّة وافية بِهِ إِلَى وَقت الْمُنْتَهى ثمَّ كَانَ مَعَ ذَلِك سَاكِنا لَا يزعج وَلَا يقلق الطبيعة وَلم يعرض خطأ من خَارج فَإِن البحران لَا يكون إِلَّا بعد الِانْتِهَاء وَهَذَا أَحْمد البحارين وَذَلِكَ أَنه يكون بعد النضج الْكَامِل.

وَإِن اضْطَرَبَتْ الطبيعة إِلَى أَن يَأْتِي البحران قبل الِانْتِهَاء إِمَّا لقُوَّة الْمَرَض أَو لفضل حِدته وَسُرْعَة حركته أَو لشَيْء يهيجه فَإِنَّهُ ينقص عَن البحران الْجيد بِحَسب تقدمه بِوَقْت الْمُنْتَهى فَإِن كَانَت الْقُوَّة لَا تبقى إِلَى وَقت الْمُنْتَهى فَوَاجِب أَن يَمُوت الْمَرِيض إِلَّا أَن مَوته لَيْسَ يجب أَن يكون بِقرب الْمُنْتَهى لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يَمُوت قبله بِكَثِير أَو يَمُوت فِي أول الْمَرَض. وَأما البحران فَلَا يكون إِلَّا فِي وَقت الْمُنْتَهى أَو قبله بِقَلِيل.

لي: لم يقل: بعده لِأَن تِلْكَ الْحَال حَالَة الرَّاحَة بِالْإِضَافَة إِلَى مَا مضى والبحران إِنَّمَا يكون فِي الْوَقْت الصعب.

قَالَ: فَأَما الْمَوْت فَإِنَّهُ يكون فِي الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة: فِي الِابْتِدَاء والتزيد وَالنِّهَايَة.

قَالَ: مَتى خرج مَرِيض من مَرضه دفْعَة فَلَا بُد أَن يكون خُرُوجه باستفراغ ظَاهر بَين أَو خراج مَحْمُود عَظِيم وَلَا بُد أَن تتقدم هَذِه الْعَلامَة المهولة الَّتِي تتقدم البحران الَّتِي قد ذَكرنَاهَا وَكَذَلِكَ إِذا عرض خُرُوج إِلَى الْمَوْت ضَرْبَة فَلَا بُد أَن يكون الِاضْطِرَاب الشَّديد والجهد والاستفراغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>