للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فِيهِ أَشد وَلذَلِك يجب أَن نكتسب من شدَّة الْأَعْرَاض دَلِيلا على مقاومتها وَمِنْهَا مَا الْقُوَّة مَعَه سَاقِطَة فَيحْتَاج أَن يغذي مَرَّات فِي الْيَوْم قَلِيلا قَلِيلا بِمَا لَا يعسر النفث. لي رَأَيْت الْأَمر فِي ذَات الْجنب بعد أَن يَقع النفث اعْتِمَاده على شدَّة الْقُوَّة وَذَلِكَ أَنَّهَا إِن كَانَت ضَعِيفَة لم يقدر الْمَرِيض أَن ينفث شَيْئا وَإِن كَانَ نضيجاً اختنق لذَلِك.

مِثَال ذَلِك مَا رَأَيْنَاهُ فِي أخي حَامِد بن الْعَبَّاس الْعَامِل فَإِنَّهُ: كَانَ ينفث نفثاً نضيجاً إلاّ أَن الرجل كَانَ ضَعِيف الْقُوَّة من الأَصْل رَدِيء المزاج وَلم يعلم الْأَطِبَّاء أَن بِهِ ذَات الْجنب إِلَّا بعد مُدَّة لِأَنَّهُ كَانَ بِهِ وجع فِي معدته وكبده فَلَمَّا علمُوا ذَلِك فصدوه على الرَّسْم لَا بِمَعْرِِفَة فَمَاتَ وَقد كنت أَشرت أَن لَا يفصد وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْت نبضاً ضَعِيفا جدا وَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَى الفصد فِي الِابْتِدَاء فَأَما إِذا نضج وَنَفث فَلِأَن تغذوه مثلا لتزيد فِي قوته لَا أَن تفصده لِأَن سَلَامَته حِينَئِذٍ يكون بِكَثْرَة النفث وَذَلِكَ يكون لشدَّة الْقُوَّة.

الثَّالِثَة: السكنجبين يَنْبَغِي أَن يعْطى فِي ذَات الْجنب آخر الْأَمر من حَيْثُ يكون غرضك تهييج السعال وتقطيع الْخَلْط ونفثه فَأَما فِي أوّل الْأَمر حَيْثُ يحْتَاج إِلَى التسكين فَلَا لِأَنَّهُ يهيج السعال. (وَقت فصد صَاحب ذَات الْجنب) حد الْوَقْت الَّذِي يَنْبَغِي أَن يفصد صَاحب ذَات الْجنب قَالَ فِي الأولى من الْفُصُول وَالثَّانيَِة من أفيذيميا: إِن الرجل الْمُسَمّى الكيش قَالَ: فصد فِي الْيَوْم الثَّامِن وَأخرج لَهُ دم كثير كَمَا كَانَ يَنْبَغِي فخف وَجَعه وَلَزِمَه السعال الْيَابِس وابتدأ فِي السَّابِع عشر. لي حد الفصد فِي هَذِه الْعلَّة مَا دَامَ لم يخف ضيق النَّفس والنخس وَلَا بَدَأَ النفث. لي حسن الوضاح: أَصَابَته ذَات جنب مَعَ حمى مفرطة الْحر جدا وصفراء ويبس وجفاف فِي اللِّسَان وسعال مؤذ وضيق النَّفس وَكَانَت حماه على غَايَة الحدّة وأعراضه معولة كلهَا إلاّ حسن عقله وَحسن نفثه فَإِنَّهُ كَانَ نضيجاً حسنا فِيهِ حمرَة ففصدته وألزمته مَاء الشّعير ولعاب البزر قطونا وَمَاء الْخِيَار فَخرج من علته خُرُوجًا تَاما فِي الرَّابِع عشر فَعجب النَّاس مِنْهُ وَذَلِكَ أَنه خرج من علته دفْعَة وَقد كَانَ أَصَابَهُ اليرقان فِي الْيَوْم السَّابِع. لي على مَا رَأَيْت ذَات الْجنب إِذا لم تقبل علاجاً وَلم تنْحَل بالنفث وَلَكِن إِن مَالَتْ إِلَى التقيح فَإِنَّهَا تتقيح فِي أَرْبَعَة عشر يَوْمًا وعلامة ألف ألف ذَلِك شدَّة الْحمى والوخز مَعَ عدم النفث فَإِذا كَانَت مَعَ هَذِه الْأَشْيَاء مَعَ قُوَّة قَوِيَّة جدا لم يمت العليل لَكِن يجمع مُدَّة وَدَلِيل على أَن المّدة مؤذية يكون شدَّة الْحمى والوخز حَتَّى إِذا جمع وفرغت سكنت الْحمى والوخز وقّل عِنْد ذَلِك وخف بِأَن ينفجر وعلامته أَن يهيج مَعَه نافض وربو نفس ونبض وربّما هاج غشى إِن كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>