للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد استحكم أَو عرض الْعَظِيم مِنْهُ دفْعَة أَو وجع شَدِيد أَو ضعف من قوى المبادئ الرئيسة وخصوصاً الْقلب ثمَّ الدِّمَاغ ثمَّ الكبد أَو ضعف المشارك مثل فَم الْمعدة للقلب أَو ضعف من الْبدن كُله وهزال ونحافة أَو اسْتِيلَاء عَارض نفساني على مَا ذكر ذَلِك فِي مَوضِع آخر. وَأَكْثَره للمشايخ والضعفاء والناقهين أَو وُصُول قُوَّة مضادة بالجوهر لمزاج الْقلب وَالروح إِلَيْهِمَا مثل اشتمام آسن الْآبَار ووباء الْهَوَاء وكما يعرض فِي الحمّيات الوبائية ونتن الْجِيَف ونفوذ قوى السمُوم إِلَى الْقلب وَرُبمَا كَانَ بمشاركة شريان. وَمن ذَلِك مَا يعرض بِسَبَب الديدان الَّتِي تصعد إِلَى فَم الْمعدة. وَيجب أَن نفضل هَذَا تَفْصِيلًا أَكثر فَنَقُول: أما الْموَاد فَإِنَّهَا تحدث الغشي إِمَّا للكثرة وسدها مجاري الرّوح وحصرها كلهَا فِي الْقلب حَتَّى يكَاد أَن يختنق وَمن هَذَا الْقَبِيل انصباب من أخلاط كَثِيرَة أَو دم كثير إِلَى فَم الْمعدة أَو الصَّدْر وَنَحْوهمَا أَو انْتِقَال من مَادَّة ورم الخناق وَذَات الْجنب وَذَات الرئة إِلَى نَاحيَة الْقلب دفْعَة. وَإِمَّا للحوج مِنْهَا فِي المسام فيسد المجاري وخصوصاً فِي الْأَعْضَاء النفسية وَرُبمَا كَانَ عَاما فِي جَمِيع عروق الْبدن وَإِن لم يفعل ذَلِك بِكَثْرَة. وَأما السدة أذاها بالكيفية الْبَارِدَة جدا أَو اللذاعة جدا أَو المحرقة جدا والغشي الَّذِي يَقع فِي ابْتِدَاء نَوَائِب الحميات هُوَ من هَذَا الْقَبِيل وَسَببه أخلاط غَلِيظَة لزجة أَو لذاعة أَو محرقة وَقد يكون ذَلِك بِقرب الْقلب وَقد يكون فِي أَعْضَاء أُخْرَى بمشاركة كالدماغ فَإِنَّهُ إِذا حدثت بِهِ السدة الْكَامِلَة فَكَانَ سكتة كَانَ غشي لَا محَالة. وَقد يكون فِي الْمعدة بِسَبَب ورم أَو لضعف حَادث تصير بِهِ قَابِلَة لتحلب الْموَاد إِلَى فمها كَانَت بَارِدَة أَو حارة وَقد يكون بِسَبَب كَثْرَة السدد فِي عروق الْبدن حَيْثُ كَانَت. وَهَذِه الْموَاد القتالة قد يعرض كثيرا من إفراط الْأكل وَالشرب وتواتر التخم لسوء الهضم حَتَّى ينتشر مِنْهُ فِي الْبدن مَا يمْلَأ الْعُرُوق ويسد مسالك النَّفس وَهَذِه الْموَاد الْكَثِيرَة قد تعين على الغشي من جِهَة حرمانها الْبدن الْغذَاء أَيْضا لِأَنَّهَا تسد طَرِيق الْغذَاء الْجيد وَلَا تستحيل بِنَفسِهَا إِلَى الْغذَاء لِأَنَّهَا لكثرتها تقوى على الطبيعة فَلَا تنفعل عَنْهَا. وَمَعَ ذَلِك فَإِن مزاج الْبدن يفْسد بهَا وَهَذِه الْموَاد الَّتِي تفعل الغشي بكثرتها أَو برداءتها هِيَ الَّتِي تفعل الكرب الغشي إِذا وَقعت فِي الْمعدة وَكَانَت أقل كمية أَو رداءة. وَإِمَّا الْكَائِن بِسَبَب استفراغ مفرط فَإِنَّمَا يكون لاستتباعه الرّوح مستفرغاً مَعَه إِلَى أَن يتَحَلَّل جمهوره وَذَلِكَ أما استطلاق بطن يذرب أَو إسهال متتابع أَو زلق معدة أَو معي أَو سحج أَو قيء

<<  <  ج: ص:  >  >>