للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَارِد وَعند احتباس الْعرق الْمُعْتَاد. وَكَثْرَة تولد الصَّفْرَاء قد تكون فِي الكبد وَقد تكون فِي الْبدن كُله على مَا قد علمت وَقد تكون بِسَبَب الأورام الحارة حَيْثُ كَانَت لما تغير من المزاج إِلَى الْحَرَارَة فيكثر تولد الصَّفْرَاء فَيحدث اليرقان عَن مجاورة أورام حارة لتغيرها المزاج وَإِن كَانَ قد يحدث ذَلِك أَيْضا على سَبِيل التسديد وَمنع الاستفراغ. والباردة أولى بتوليد المرار الْأسود فَهَذَا هُوَ الْكَائِن بِسَبَب الْكَثْرَة. وَأما الْكَائِن بِسَبَب عدم الاستفراغ فإمَّا أَن يكون عَن الاستفراغ عَن الكبد أَو عَن المرارة أَو عَن الأمعاء والأعضاء الْأُخْرَى وَإِذا لم تستفرغ عَن الكبد فإمَّا أَن يكون السَّبَب فِي الْفَاعِل أَو يكون فِي الْآلَة. وَالسَّبَب الَّذِي فِي الْفَاعِل هُوَ ضعف الْقُوَّة المميزة أَو ضعف الْقُوَّة الدافعة. وَالسَّبَب الَّذِي فِي الْآلَة فَهُوَ انسداد المجرى أَو مَا بَين الكبد والمجرى. وَمن هَذَا الْقَبِيل مَا يتولّد عَن أورام الكبد الحارة والصلبة. وَمن هَذَا الْقَبِيل اليرقان الَّذِي يكون مَعَ برد يُصِيب قَعْر الكبد فَيقبض مجاريها. وَالَّذِي يكون من انضغاط أَيْضا وَسَائِر أَسبَاب السدد. وَاعْلَم أَنه إِذا حصلت سدة تحبس الصَّفْرَاء فِي الكبد فِي أَي الْمَوَاضِع كَانَت من الكبد والمرارة وَجب أَن يصير الكبد أسخن مِمَّا هُوَ فيتولد المرار أَيْضا أَكثر مِمَّا كَانَ يتولّد فِي حَال السَّلامَة. وَأما الْكَائِن بِسَبَب المرارة فإمَّا لِضعْفِهَا عَن الجذب من الكبد لَا سِيمَا إِذا كَانَ مَعَ ضعف الكبد عَن التَّمْيِيز وَالدَّفْع أَو لشدَّة قُوَّة جاذبتها فيملأها جذباً دفْعَة وَاحِدَة وَلَا يَسعهَا غير مَا يملأها ويمددها كثيرا فَتسقط قوتها فَلَا تجذب. وَإِمَّا لوُقُوع سدة فِي مجْراهَا إِلَى الأمعاء وَقد تكون تِلْكَ السدة بِسَبَب شدَّة اكتناز مِنْهَا لما سَالَ إِلَيْهَا من الصَّفْرَاء دفْعَة لِكَثْرَة تولّد أَو شدَّة دفع فِي الكبد أَو جذب من المرارة فينطبق على فَم المجرى مَا يحتبس. وَمَعَ ذَلِك فَإِن الْقُوَّة للأذى تضعف وَقد يكون لسَائِر أَسبَاب السدد. وَالَّذِي يكون فِي القولنج فَيكون لِأَن الْخَلْط اللزج يغري وَجه المجرى فَلَا ينصبّ المرار إِلَى الأمعاء وَهَذَا هُوَ الَّذِي سَببه القولنج. وَقد يكون من اليرقان مَا هُوَ مَعَ القولنج وَلَيْسَ سَببه القولنج بل هما جَمِيعًا مشتركان فِي سَبَب وَاحِد وَهُوَ سدة سبقت إِلَى مجْرى المرارة قبل حُدُوث القولنج فمنعت المرار أَن ينصب إِلَى الأمعاء ويغسلها فَلَمَّا منعت عرض أَن الأمعاء لم تنغسل وَكثر فِيهَا الرطوبات وهاج القولنج وَعرض أَن الصَّفْرَاء رجعت إِلَى الْبدن فهاج اليرقان وكل سدة فِي مجْرى الكبد إِلَى المرارة أَو فِي مجْرى المرارة إِلَى الأمعاء كَانَت من إلتحام أَو ثؤلول لم يرج برؤها. وَأما الْكَائِن عَن الأمعاء فَهُوَ مَا ظَنّه قوم من أَنه قد يعرض أَن يجْتَمع فِي الأمعاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>