للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للتخرق الَّذِي يعرض لحائطه وحافاته أَو لاتساع الْعُرُوق الَّتِي تَأتيه أَو لفساد مَا يَليهَا من الْعِظَام أَو لفسادها الْآخِذ نَحْو الكمودة والخضرة والسواد أَو لعضو رَدِيء المزاج يجاوره. والقروح الصعبة العلاج كالمستديرة وَنَحْوهَا قاتلة للصبيان لِأَن الصّبيان لَا يحْتَملُونَ شدّة إيجاعها وَلَا عسر علاجها وصعوبته. فصل فِي قانون علاج القروح إعلم أَن كل القروح محتاجة إِلَى التجفيف مَا خلا الْكَائِن من رض العضل وفسخها فَإِن هَذِه تحْتَاج أَولا أَن ترخى وترطّب وَمَعَ مَا تحْتَاج القروح فِي غَالب الْأَحْوَال إِلَى التجفيف فقد تحْتَاج إِلَى أَحْوَال أُخْرَى من التنقية والجلاء وَغير ذَلِك لأحوال تلْحق القروح غير نفس القروح وَكلما كَانَت القرحة أعظم وأغور احْتَاجَت إِلَى تجفيف أَشد وَإِلَى جمع لشفتيها أَشد استقصاء وَرُبمَا احْتَاجَت إِلَى خياطَة وَاعْتبر من أَحْوَال الْحَاجة إِلَى الِاسْتِقْصَاء فِي ذَلِك وَنَحْوه مَا قُلْنَاهُ فِي بَاب الخراجات. وَاعْلَم أَن القروح رُبمَا احْتَاجَت فِي علاجها إِلَى اسْتِعْمَال أدوية سيالة نَافِذَة منزرقة غائصة وَحِينَئِذٍ لَا بُد من أَن تكون مراهم أَو نَحْوهَا فَيجب حِينَئِذٍ أَن تكون رطبَة الظَّاهِر يابسة الْبَاطِن وخصوصاً الناصورية فَإِنَّهَا يجب أَن تكون يبوسة جوهرها فِي الْقُوَّة تغلب رُطُوبَة جرمها شَدِيدا وَقد تحْتَاج إِلَى أَن تخلط أدويتها بِمَا يسيل أَيْضا لسَبَب آخر وَهُوَ لتصير لزجة لَازِقَة فَاعْلَم ذَلِك أَيْضا فِيهَا. وَاعْلَم أَن القروح تحْتَاج إِلَى الرباطات والشد لوجوه ثَلَاثَة: أَحدهَا: لإسالة الوضر فَيجب أَن تكون قُوَّة شدّها عِنْد آخر القرحة وأرخى شدها عِنْد الفوّهة ليحسن عصرها وَالثَّانِي: لحفظ الدَّوَاء الملحم والمنبت للحم على القرحة وَلَيْسَ تحْتَاج إِلَى شدّ شَدِيد وَالثَّالِث: لإلحام الشفتين. وَيجب أَن لَا يكون الشدّ فِيهِ رخواً عِنْد الشفتين بل ضاماً ضماً صَالحا وَلَا يجب أَن تبلغ بالربط من الإيلام مبلغا يورم وَيَنْبَغِي أَن يكون معينا يمْنَع الورم فَلَا يمكنك مَعَ الورم أَن تعالج القرحة فَإِن لم يمكنك أَن يمْنَع وَظهر ورم فاشتغل بالورم وعلاجه أَي ورم كَانَ مَعَ مُرَاعَاة لنَفس القرحة إِلَى أَن تفرغ من علاج الورم فتخلص مُرَاعَاة القرحة وَكَذَلِكَ إِذا فسد مَا حوالي القرحة فاخضر أَو اسود عَالَجت ذَلِك بِالشّرطِ وَإِخْرَاج الدَّم وَلَو بالمحجمة ثمَّ تلْزمهُ إسفنجة يابسة ثمَّ أدوية مجففة. وَإِذا تفرغت القرحة أَو وجدت القرحة ساذجة فَيجب أَن تتأمل أول شَيْء هَل ينصب إِلَى القرحة من الْبدن شَيْء أَو لَيْسَ ينصب بل قد انْقَطع فَإِن كَانَ لَيْسَ ينصب إِلَيْهَا شَيْء قصدتها بالمداواة نَفسهَا وَإِن كَانَ ينصب إِلَيْهَا شَيْء فاشتغل بِمَنْع مَا ينصب إِلَيْهَا بِمثل فصد أَو إسهال أَو قيء فَإِن الْقَيْء قد ينفع أَيْضا فِي ذَلِك وَقد شهد بِهِ بقراط. وَإِذا كَانَ فِي القروح شظايا عِظَام أَو أغشية أَو غير ذَلِك فَلَا تستعجل فِي جذبها وَلَكِن إعمل مَا قُلْنَاهُ فِي بَاب الْعِظَام وَأول مَا يجب أَن تدبره من أَمر القرحة هُوَ التقييح بأدويته ثمَّ التنقية بأدويتها ثمَّ إنبات اللَّحْم والإدمال. وَإِن وجدت القرحة نقية مستوية لَا غور لَهَا فادمل فَقَط بِمَا لَا لذع لَهُ. وَأما الوضرة فَلَا بُد فِيهَا من جالٍ لاذع وَفِي أول مَا تعالج تحْتَاج إِلَى الألذع لِأَن الْحس لَا يحسّ بِهِ ثمَّ تتدرج إِلَى مَا هُوَ أخف لذعاً إِلَى أَن يحين وَقت إنبات اللَّحْم. وَاتَّقِ فِي جَمِيع ذَلِك أَن توجع مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>