للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العالي بِقُوَّة وَرُبمَا كَانَ الانفجار عَن شبكة عروق الدِّمَاغ وشرايينه وَهُوَ غير قَابل فِي الْأَكْثَر للعلاج. وَأَكْثَره يكون عقيب حُدُوث صداع والتهاب وَمرض حاد أَو عقيب سقطة أَو ضَرْبَة ويتبعه أَعْرَاض فَسَاد أَفعَال الدِّمَاغ لَا محَالة وَرُبمَا كَانَ لبخارات حارة متصعدة. وَالَّذِي يكون عَن الشرايين يتَمَيَّز عَن الَّذِي يكون عَن الأوردة لرقّته وحمرته وحرارته وَأَيْضًا فقد يكون عَائِدًا بأدوار وَقد يكون عَائِدًا دفْعَة. وسيلان الرعاف من الْأَحْوَال الَّتِي تَنْفَع وتضرّ. وَمن وجد عَقِيبه خفّة رَأس عَن امتلاء واعتدال لون عَن حمرَة شَدِيدَة واعتدال سحنة بعد انتفاخ فقد انْتفع بِهِ لَا سِيمَا فِي الْأَمْرَاض الحارة وَفِي الأورام الْبَاطِنَة وخاصة الدموية والصفراوية فِي الدِّمَاغ ثمَّ فِي الكبد ثمَّ فِي الْحجاب ثمَّ فِي الرئة فَإِن نفع الرعاف فِي ذَات الْجنب أَكثر مِنْهُ فِي ذَات الرئة. والرعاف بحران كثير فِي أمراض حادة كَثِيرَة وخاصة مثل الجدري والحصبة وَأما إِذا أسرف فأعقب صفرَة لم تكن مُعْتَادَة أَو رصاصية أَو كمودة من صفرَة واسوداد وذبولاً مجاوزاً للعدّ وَبرد الْأَطْرَاف فَإِنَّهُ وَإِن احْتبسَ فعاقبته مَحْذُورَة. وَمن حَال لَونه إِلَى الصُّفْرَة فقد غلب عَلَيْهِ المرار الْأَصْفَر وتضرّره بِإِخْرَاج الدَّم أقل. وَمن حَال لَونه إِلَى الرصاصية فقد غلب عَلَيْهِ البلغم. وَمن حَال لَونه إِلَى الكمودة فقد غلب عَلَيْهِ المرار الْأسود. وَهَذَانِ شَدِيدا الضَّرَر بِمَا نقص من الدَّم. والجميع مِمَّن أفرط عَلَيْهِ الرعاف على خطر من أمراض ضعف الكبد وَالِاسْتِسْقَاء وَغير ذَلِك. وَأَشد الْأَبدَان اسْتِعْدَادًا للرعاف هُوَ المراري الصفراوي الرَّقِيق الدَّم وَينْتَفع بالمعتدل مِنْهُ. وللرعاف دَلَائِل مثل التباريق يلوح للعينين والخطوط الْبيض والصفر والحمر وخصوصاً عقيب الصداع وَسَائِر مَا فصل حَيْثُ تكلمنا فِي الْأَمْرَاض الحادة وبحراناتها وَقد يسْتَدلّ من الرعاف وأحواله على أَحْوَال الْأَمْرَاض الحادة وبحارينها وَقد ذَكرْنَاهُ فِي الْموضع الْأَخَص بِهِ. أما البحراني وَمَا يُشبههُ من الْوَاقِع من تِلْقَاء نَفسه فسبيله أَن لَا يعالج حَتَّى يحس بِسُقُوط الْقُوَّة وَرُبمَا بلغ أرطالاً أَرْبَعَة مِنْهُ وَيجب أَن يحبس حِين يفرط إفراطاً شَدِيدا. وَأما غَيره فيعالج بالأدوية الحابسة للرعاف. وَأما الْكَائِن بِسَبَب استعداد الْبدن ومراريته فَيجب أَن يداوم استفراغ المرار مِنْهُ وتعديل دَمه بالأغذية والأشربة. والفصد أفضل شَيْء يحبس بِهِ الرعاف إِذا فصد ضيقا من الْجَانِب الموازي المشارك وخصوصاً إِذا وَقع الغشي فَأَما الْأَدْوِيَة الحابسة للرعاف فَهِيَ إِمَّا شَدِيدَة الْقَبْض وَإِمَّا شَدِيدَة التبريد والتغليظ والتجميد وَإِمَّا شَدِيدَة التغرية وَإِمَّا حادة كاوية

<<  <  ج: ص:  >  >>