للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا من التنافس إلّا ما باعد عن التحاسد، وكنت عندي، إن لم تكن مع العلية، فلم تنحطّ عن الأوساط إلى السفلة، وإن رضيت بحال المنفصلين، لم ترض إلّا أن تكون مع المنصفين، وإن لم تكن غنيّا لمخالفيك عند مناظرتهم لك، ورائدا لموافقيك عند استعانتهم بك، وآلة لمن استملى منك، ومفزعا لمن سمع إليك، وحرزا لاسرار خصمك، وحائطا من وراء من ذهب من الناس عنك، لم تكن عندي بمخوف على ما انتهى إليّ من خبرك ولا على ما حكاه من لا يتّهم على مودّتك.

- عتبت عليك في مجادلة الرافضة، فأعتبتني بمماراة الغالية، وأنكرت منك مقارنة الخوارج، فأردفت ذلك بمسامحة النوابت، حين زعمت في جواب مسألة النابتيّ أنّ عليّا كان أحقّ بالإمامة من معاوية، وزعمت في جواب الخارجي أن رضاه كان هفوة منه ومكيدة من عدوّه، إلّا أنّها الهفوة التي تبلغ الضّلال، والفهمة التي لا تفسد الحكم، والنقصان الذي لا يكمل معه حل العقد، والتضييع الذي لا ينقض معه العهد.

ثمّ قطعت الشهادة وأوجبت الحكومة أنّ عليا قال عند موته وأقرّ عند زلله:

إنّي عثرت عثرة لا تنجيز ... سوف أكيس بعدها وأستمر

وأجمع الرأي الشتيت المنتشر

ثمّ قضيت بعد قطع الشهادة والحكم على غائب الفعل بأنه لم يعن بذلك القول إلّا الرضى بالحكمين، وجزمت على أنّه لا تأويل لذلك القول إلّا ما ذهبت إليه ولا معنى له إلا ما قضيت به.

فأجمع الآن بالك في الاستماع للحقّ كما جمعت بالك في الاجترام على الباطل، وفرّغ قلبك لما أنا واصفه لك ومقرّبه من عقلك؛ فإن أعجزك الفهم فليس يعجزك التفهّم، وأوّل منازل الإنصاف حسن التثبّت، ونعم الرائد التفهّم ونعم العون حبّ الإنصاف! وقال يزيد بن المهلّب: «هذا ابن

<<  <   >  >>