للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأحد الثلاثة، ولذلك قالوا: «ثلاثة أخذوا عن ثلاثة: ابن مسعود عن عمر، وأبو موسى عن عليّ، وزيد عن أبي» ؛ ويدلّ على ذلك قول الشاعر في مدح بلال ابن أبي بردة بن أبي موسى وكان قاضيا ابن قاض ابن قاض، قال له:

وأنت يا ابن قاضيين

وقال آخر في بلال:

قضيت على عرق بما لك صاعدا ... وأوتيت مزمارا وخطبة فيصل

(ذهب من المزمار الى ما كان أعطي أبو موسى في حنجرته من الصفا والشحا؛ وذهب من ذكر الخطبة الى ما كان أعطي في لسانه من البيان) .

- وكان مع ذلك مشهورا بالحلم ومذكورا بالفقه، من المعدودين في أصحاب الفتوح ومن المذكورين في الولاة والعمّال ومن المعروفين بالنزاهة وطيب الطعمة ومن المعروفين بصحة الرواية؛ ثم خصلة ما أقل ما تجدها وأكثر ما تفقدها وهي قلّة التغيّر مع طول الولاية والثبات على الأمر الأوّل مع كثرة الفتوح والفائدة، ولو كان أبو موسى كما يقولون غبيا منقوص العقل ضعيفا، لكان اللوم على تأميره [على] البلدان والأمصار وعلى الجيوش العظام وتسليطه على الأحكام، على من ولّاه دونه؛ ولو كان ذلك كذلك لكان لعليّ في ذلك أوفر الأقسام.

كلّا، ولكننا نقول فيه كما قال أهل العلم من أسلافنا وأهل العدالة من مشايخنا: نقطع الشهادة على كلّ ما أجمعوا عليه ونقف عند كلّ ما اختلفوا فيه، وقولي فيه، إن لم يكن قول أبي إسحق بعينه فما أقربه من قوله؛ قال أبو اسحق: كانت التي خلع بها علي بن أبي طالب دون عمرو وبعد التصادر على ذلك والتوكيد له نتيجة خمس خصال، منها انصرافه عن عليّ، والاخرى ميله الى رأي سعد بن ابي وقّاص وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت ومحمد بن مسلمة وصهيب بن سنان وأسامة بن زيد من الكفّ وتحريم القتال، ولذلك روى

<<  <   >  >>