للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النّعم من الابل والبقر؛ وإن كنت تعدّ أنه يظنّ غير ما تعني، تقول أيضا عند استخلافه «نعم» وان وهّمت الكلمة معنى «نعم» التي هي خلاف «لا» وأنت تريد الطاعة؛ ولو قال لي بعض من أخافه على نفسي: «قل: المسيح ابن الله» ، لكان لي أن أقول [ذلك] وأنوي أنه كذلك عند النصارى، وإن علمت أنه لا يتوهّم إلا ما دلّ عليه [اللفظ] ؛ فان أمكن أن أنوي واوجّه الكلام واعمل الاضمار والاستثناء ولا عناء عليّ فيه ولا مشقة ولا تعتعة يرتاب بها، ثمّ لم اضمر خوفا من فطنته فقد شرحت بالكفر صدرا، فإذا جاز أن أقول إنّ مع الله إلاها آخر وإنّ محمدا- عليه السلام- كذّاب وإنّ مسيلمة صدوق إذا خفت على نفسي، بعد أن أضمر و [ ... ] وإن كان ظاهر قولي التكذيب لمحمّد صلى الله عليه وسلم، جاز أن أقول إنّ أبا موسى حكيم وله أن يحكم وأنا أنوي غير ما أظهر وأضمر غير ما أبدي إذا خفت على الناس الفتنة والهرج والفساد وتبديل الحكم.

[١٥- معاوية لم يخدع عليا بل كان هو المخدوع]

فلو لم يظنّ عليّ وطمع أنّ أصحابه سيعودون إلى بصائرهم وإلى ما يشبه أوّل حا [لهم] عند التخابر والتذاكر وعند قضاء الوطر من الزوجات والاوطان وبعض الملال من طول الاقامة وبعض الحياء من النعيم ومعه الانف من ظهور الاعداء وبعض التوقّع للبلاء إذا جرى عليهم حكم عدوّهم ولعلّهم أن يطالبوهم بطوائلهم ولم يأمنوا الوثبة بهم، لما جاز له ذلك ولما كان لصنيعه ذلك وجه؛ فالمخدوع في هذا الموضع معاوية والخادع عليّ، وعليّ صاحب المكيدة ومعاوية المستراب، لأنّه في ذلك ولو فطن لانتثار الامر على عليّ ثمّ غزاه بالقلوب المجتمعة والأهواء المتّفقة، لما كان دون الظفر مانع ولما كان بعد تلك الوقعة وقعة، فرأى عليّ أنّ التدبير في توهيمه وتوهيم أصحابه الرضى بالمساواة والاقرار بان في أمرهما من الشبهة ما يحتاج فيه الى نظر الرجال، وعلم أنه متى أعطاه ما كان لا يطمع فيه ولا يناله طرفه ولا أمنيّته ولم يزل يظن، بل لا يشك، أنه لا

<<  <   >  >>