للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصحاب الاهواء ولا من كتب المتكسّبين ولا المتقرّبين ولا من كتب المفلقين بالباطل ومن جرى من النفاق على أخبث منشإ وأسوإ عادة؛ فعليك [بسنة] أسلافك ودع عنك ما قد أخذ الناس فيه.

[١٩- السفيانية لا تضل معاوية لمبايعته ابنه يزيد]

وأمّا براءتك منه على قتل حجر وأصحابه وإطعام عمرو خراج، وعلى ادّعاء الخلافة وعلى الحكم بالهوى ونبذ كثير من أحكام الكتاب والسنّة، والسير في الحرب والسلم سيرة ملوك الغلبة، فهذا ما لم ألمك عليه ولم أنكره منك، وعلى ذلك مضى سلفك الصالح- نصر الله وجوههم-؛ ولكنّي عتبت عليك في قولك: «وضللته أيضا لبيعته لابنه» ، فان قلت: «وضللته أيضا بالمبايعة ليزيد لانه كان صاحب كذا وكذا ويقول كذا» ، لكان صوابا ولكان قولا عدلا ولكان مصفى مهذبا، وأجود العبارات ما كانت الدلالة فيها غير مستنكرة ويكون اللفظ للمعنى طبقا فاضلا ولا ناقصا، وأما أن تقول كلمة مرسلة الوجوه مطلقة [....... فلا] ضلّلته لانه بايع ابنه، وما باس بيعة الابن إذا كان لذلك مستحقّا؟ ما الابن ألّا كالأخ وما الأخ إلّا كابن العم؛ وما علمك؟ لعلّ عليّا قد بايع الحسن ولعلّ الحسن قد بايع الحسين؟ فأيّ حجّة تدفع ذلك وما البرهان على خلاف ما جاء من ذلك؟ وهل يعترض على هذا المذهب مسلم وهل يجهله عاقل؟ فايّاك أن تعود إلى هذا اللفظ مفسّرا أو مشروحا مثبتا؛ فكان من حقّ العلم عليك ومن شكر أياديه عندك ومن الصوت لعراضه والدفع لقدره أن تخلص الفاظك من كل هجنة وأن تصفّيها من كل كدر وان تتخيّر من الألفاظ أبهاها وأقربها دلالة وأن تقصد من المعاني لاطهرها شرفا وأرفعها قدرا وأكرمها منصبا، وقد يلزم من عبّر عن العلم وتوكّل به وأضاف نفسه إليه أن يعبّر عنه بأبين العبارات وأقرب الاختصار وأن يضعه في موضعه وأن يجري عليه كما ينبغي على نفسه وأن يحببه

<<  <   >  >>