للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقاضاهم على أنّ من أتاه من عدوّه كان عليه ردّه، ومن صار إلى عدوه من اصحابه فليس عليهم ردّه، فماجوا وضاقت نفوسهم وقالوا: «هذه دنيّة» ، حتى قال أبو بكر: «لو كانت دنيّة ما أعطاها» ، ثمّ اقبل على عمرو وقال: الزم غرزه واعلم أنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعط دنيّة» ، فلم ير المسلمون قطّ قضية أعظم عليهم بركة منها؛ فلو فكّر القوم فيما أعطى الله أنبياءه وخلفاءه من صواب التدبير والرأي والمعرفة بغوامض الأمور لما تهوّروا تهوّر الأغمار ولا أقدموا على تخطئة الائمة إقدام من لا يحب التمكن ولا يعرف فضل عقل الإمام على رعيّته.

[٢٤- موقف ابن عباس من عزل معاوية]

وأمّا ما رويتم عن ابن عبّاس أنه قال لعليّ حيث أبى إلّا عز له وقال: «ما له عندي إلا السيف حتى يغلبه الحق» - فقال له ابن عبّاس: «وما لك عنده إلّا السيف حتى يغلبك الباطل» ، فانّ باطل معاوية يوم عزم على عز له [لا] يتخوّفه على الخلافة ولا ظنّ أحد ولا دار في وهمه ولا خطر على باله ان الامور ستنفتح وان الحوادث ستنفتق بما تفتّحت وتفتّقت، ولا ظنوا ان تلك الأعاجيب كانت كامنة في تلك الحالات، ولا قدّر ذلك معاوية ولا ظنّه ولا طمع فيه، ولكنها أمور تناتجت وأعاجيب تلاقحت وامور كثيرة- حفظك الله- قد كانت محقّرة الاوائل مصغّرة الأسباب ثمّ ترامت بها أمواج البلاء وزخرت بها بحور الفتن حتى عتت وخرجت من الجبلة وطغت وامتنعت على الأطباء؛ وقد قال مجاشع الرّبعي: «ليس بكبير ما أصلحه المال» وقد يصلح المال الداء وينجع فيه الدواء وربّما أعضل الداء فامتنع الشفاء.

[٢٥- العامة تستنكر مقتل عثمان فتميل الى معاوية]

وقد خبرتك أنّ دم عثمان كان من أمتن أسبابه وأجود

<<  <   >  >>