للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصايده، وكان ذلك الدم دما أكثرته الجماعة واستفظعته الدهماء وكبر في نفوس العامة وفي نفوس اكثر الخاصة؛ وقد رووا انّ ابن عمر لما هجم على طارق مولى عثمان يأكل الطعام على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما ظننت ان العقوبة بقتل عثمان تبلغ ما أرى!» ، وقال عدي بن حاتم: «إنّكم إن قتلتم عثمان لم تحبق فيه عنز» ، فلما قتل ابنه وفقئت عينه ودخل بعد ذلك على معاوية وقد صار الأمر إليه وله، قال له: «هل حبقت العنز؟» - قال:

«أي- والله- والتيس الاضخم!» ؛ وزعموا أنهم حين سمعوا قول كثير في ولد عثمان:

وابن الذي عوقبت في قتله العرب

عجبوا ممّا ألهم؛ وقد قالوا لعليّ بن أبي طالب ولاصحابه يوم الجمل:

ردّوا علينا شيخنا ثم بجل ... ننعي ابن عفّان بأطراف الأسل

فإذا كان جند طلحة والزّبير وحالهما في دم عثمان والعون عليه وهو محصور حالهما وهم يقولون هذا القول ويطالبون عليّا بدمه هذه المطالبة، كيف تتعجب من معاوية وجنده وكيف لا يطالب معاوية عليّا بدم عثمان بأهل الشام إذ كان طلحة والزّبير يطالبان عليّا بدمه، وأصحاب طلحة والزبير يوم الجمل هم فتحوا هذا الباب لأصحاب معاوية يوم صفين؟ وإنما ذكرت لك هذا لتعلم أنّ معاوية يوم عز له عليّ لم يكن بالمخوف على ما تهيأ له وأنفق على يده؛ فإن قلت: فانّ أكثر الناس قد أكثروا في عليّ وقالوا: «قتل عثمان» ، وقال حسّان بن ثابت:

يا ليت شعري وليت الطير تخبرني ... ما كان شأن عليّ وابن عفانا

لتسمعنّ وشيكا في دياركم ... الله أكبر يا ثارات عثمانا

وقال الوليد بن عقبة ايضا:

بني هاشم ردّوا سلاح ابن أختكم ... ولا تنهبوه لا تحلّ مناهبه

<<  <   >  >>