للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من انتدب؛ ولو أنّ جميع أهل بدر أمكنهم إنكار المنكر من ملك متغلّب إلّا أنّهم لم يتكلّفوا ذلك حتّى انتدب رجل من عرض المسلمين فبذل نفسه وأهله وماله ودياره وعشيرته وأصحابه وأمّل الناس فيه درك حاجتهم ورجوا الفرج على يديه، كان ذلك المنتدب- وإن كانت سابقة غيره أفضل- أولى بذلك منهم، ولعلّه أن يلحق بهم في الطاعة أو يجوزهم، كما عقد عمر بن الخطّاب لأبي عبيد ابن مسعود على أربعين من أهل بدر وعلى الجماعة الكثيرة من المهاجرين والانصار السابقين وليست له في ذلك علّة إلّا أنّه كان أوّل من انتدب، ولذلك كانوا رأوه وتحدثوا به، فساروا تحت لوائه وصلّوا خلفه وأطاعوا أمره وأكبروه بالخضوع له وأعظموه بالإطراق بين يديه والانتصاب له عند طلعته.

[٣٧- رد الجاحظ على حجج السفيانية]

قد كتبت إليك، يا ابن حسّان ورسمت لك ما ألقيت إليّ من جمل دعواهم مفسّرا ومن حججهم مبيّنا، ولم أقتصر على مقدار ذلك حتى لم أدع لذي هوى نزاعا ولا لذي حيلة متعلّقا، لأن أحسم من قلبك هذا الداء وأقطع أصل هذه المادّة، ولولا أنّي- والحمد لله- على ثقة من سهولة الجواب وقرب المأخذ وظهور المعنى وقمع الحقّ للباطل وأنّه لا يتلقّاك إلا مكشوف القناع ناصع البياض مشرق اللون، لما رضيت أن أكون سببا لتنبّه العدوّ ومادّة لخواطر الأعداء، ولعلّ بعضهم أن يعدو عليّ بالسلاح الذي ألقيت إليه يوم الحفل ويلتمس به نحري على شغل منّي؛ فقف الآن على فصل فصل وانظر في باب باب، فإنّك ستفهمه ما لم تتشاغل تشاغل المستفرغ وتستبين ما لم تصدّ عنه صدود المتمقّه إن شاء الله.

[٣٨- معاوية لم يحتج بحجج السفيانية]

. باسم الله الرحمن الرحيم فأول ما أبدؤك به وأوّل ما أذكره لك من هذه

<<  <   >  >>