للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للمطاعن، ولا يفطن له الحازم من الرجال ويفطن له الخسيس العقل من أهل النظر؛ وإن خرّجنا كلّ شيء في هذا الباب كثر الكلام، وإذا كثر الكلام خرج الكتاب من حدّ الرسائل، ولم نأمن من ملالة القارىء ونعاس المستمع، وفيما نلقي إليك من الجمل ما يغني مثلك عن التفصيل، ولو كان المقصود إليه سواك لما وجدتّ بدّا من التفسير والتخريج وانتظام جميع الامّهات واستقصاء جميع الأبواب.

[٤١- حجة السفيانية بعدم توافر الاجماع على علي لا يطعن في خلافته لان الاجماع تابع لفضله]

أمّا قولهم بقول معاوية: «هذا موضع صرت إليه بالإجماع فلا أخرج منه في الفرقة» ، فإنّ أكثر الناس يغلطون في حكم الإجماع في هذا المكان ويلحقونه بغير شكله؛ نقول إن الناس إنما أجمعوا على تفضيل الفاضل لفضيلة وجدوها فيه، وليس أنهم وجدوا الفضيلة فيه لأنّهم أجمعوا على تفضيله، فالإجماع تبع للفضيلة الموجودة، وليست الفضيلة تبعا للإجماع الذي كان منهم؛ وإذا كان الفضل بارزا، فعليهم الإجماع عليه؛ فإن اختلفوا فلا يبعد الله إلّا من خالف، الحقّ حقّ الفاضل؛ وإن لم يصل إليه مع ضعف الموافق وقوة المخالف؛ فإن وافق صاحب الحق إجماعا فعليه الشكر والحقّ حقّه، وإن وافق اختلافا فالحقّ حقّه وعليه الصبر.

وقد كان فضل عليّ ظاهرا، فإن أجمعوا عليه فقد أصابوا حظوظهم ووافقوا محبّته إذ كان ذلك حقّا، وإن اختلفوا فقد أخطأ المخالف حظّه، ولم يضم ذلك عليّا لأنّ ثواب عليّ على الصبر على البلاء كثوابه على الشكر على الرخاء؛ والحق ليس يجب له بالإجماع بل إنّما كان ذلك دليلا على الاستحقاق وحكم مقام النبيّ صلى الله عليه وسلم وحكم مرتبة الإمام والتفضيل إلى أن نعلم أنّ أمرا قد اضطرّ إليه؛ فما لم نعلم، فالحكم بالتفضيل

<<  <   >  >>