للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لازم لظاهر الحال، وليس لنا أن نزيل حكم ظاهر الأمر ب «لعلّ» أو «عسى» ، وليس يزول اليقين إلّا باليقين، ومتى هجمنا على رجل قد أجمع الناس على تأميره طائعين غير مكرهين، ثمّ رأيناهم يدينون بطاعته ويتقرّبون إلى الله بنصيحته ويرون أنّه إذا ولّى رجلا صلاة الجمعة أن له أن يقصر وأن لهم أن يقصروا خلفه، وإن هو عزله كان عليه وعليهم أن يأتوا بخلاف ذلك، ومتى استعمل رجلا على ثغر دانوا بابتياع ذلك السبي ووطنه واستخدامه وبيعه والانتفاع بذلك المقسم وبابتياع العقد والعقارات والمستغلّات منه، ومتى عزله حرّموا ذلك وسقطوا من لم يجتنبه؛ ومتى استقضى رجلا لزم الناس حكمه ونفذ فيهم أمره ووجبت سجلّاته ولزمت قضاياه، ومتى قال: قد عزلتك، كان كالمفتي وكالمشير والمصلح، ثمّ تراهم إذا كان قاضيا يقومون فوق رأسه ولا يجلسون إلّا بأمره.

ولم نر عليّا لمّا عزل سعدا وولّى أبا موسى وعزل عمّارا وولّى المغيرة، قال المعزول: «لا أعتزل البتّة!» أو قال: «لا أعتزل حتّى أعرف لم عزلني ولم ولّى من أنا أعظم عناء منه وأجود سياسة منه وأشرف أرومة منه» ، أو قال: «أنا أسنّ منه وأكثر فقها وعلما منه» ، أو يدّعى أنّ أهل البلدة به أرضى وأنه لا يرضى أن يكون قد عانى خراب أرضها وفساد رجالها وضياع ثغرها، فلمّا عمّر البلدة وحصّن الثغر وأصلح الفاسد وقد كلف وتعب وسهر ونصب، بعثت رجلا يصير له مهنأها فيذهب ببردها وحلاوتها، وأنا قد صلبت بحرّها ومرارتها؛ بل تجد المعزول صابرا راضيا والمستعمل قابلا نافذا لأمره وقوله؛ فحكم ظاهر هذه الحال وحكم المرتبة التقديم لأهلها والتفضيل لأربابها حتى ثبتت الحجة ببعض ما يحطّه عن أعلى المراتب ويقتصر به على دون الكمال، فالإجماع تابع في هذا الموضع.

[٤٢- حجة السفيانية بعدم عمل علي بالشورى لا يطعن في خلافته لأن شورى عمر لا تلزمه]

فأمّا من حيث ذهب القوم إليه فقد قلنا في ذلك؛ فان قال: «فهلّا

<<  <   >  >>