للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر عليهم أيسر. قد عرفنا كيف كان أبو سفيان في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم وفي محاربته له وإجلابه عليه وغزوه إياه، وعرفنا إسلامه كيف أسلم وإخلاصه كيف أخلص ومعنى كلمته يوم الفتح حين رأى الجنود وكلامه يوم حنين وقوله يوم صعد بلال على الكعبة فأذن، على أنه إنما أسلم على يد العباس، والعباس هو الذي منع الناس من قتله وجاء به رديفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله فيه أن يشرفه وأن يكرمه وينوه به. وتلك يد بيضاء ونعمة غراء ومقام مشهود، ويوم حنين غير مجحود.

[١١- جور أمية]

فكان جزاء بني هاشم من بنيه أن حاربوا عليا، وسموا الحسن وقتلوا الحسين وحملوا النساء على الأقتاب حواسر وكشفوا عن عورة علي بن الحسين حين أشكل عليهم بلوغه كما يصنع بذراري المشركين إذا دخلت دورهم عنوة. وبعث معاوية بسر بن أرطاة إلى اليمن فقتل ابني عبيد الله بن العباس، وهما غلامان لم يبلغا الحلم. وقتل عبيد الله بن زياد يوم الطف تسعة من صلب علي وسبعة من صلب عقيل، ولذلك قال ناعيهم:

عين جودي بعبرة وعويل ... واندبي إن ندبت آل الرّسول

تسعة كلّهم لصلب عليّ ... قد أصيبوا وسبعة لعقيل

ثم إن بني أمية تزعم أن عقيلا أعان معاوية على علي، فإن كانوا كاذبين فما أولاهم بالكذب، وإن كانوا صادقين فما جازوا عقيلا بما صنع. وضرب عنق مسلم ابن عقيل صبرا وغدرا بعد الأمان، وقتلوا معه هاني بن عروة لأنه آواه ونصره، ولذلك قال الشاعر:

فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري ... إلى هانيء في السّوق وابن عقيل

تري بطلا قد هشّم السّيف وجهه ... وآخر يهوي من طمار قتيل

<<  <   >  >>