للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به مذكورا ومن أشكاله بائنا. وإنكم لتظلمون خصومكم في تسميتكم معاوية بالحلم، فكيف من دونه؟ لأن العرب تقول: أحلم الحلمين أن لا يتعرض ثم يحلم. ولم يكن في الأرض رجل أكثر تعرضا من معاوية؟ والتعرض هو السفه.

فإن ادعيتم أن الأخبار التي جاءت في تعرضه كلها باطل، إن لقائل أن يقول:

وكل خبر رويتموه في حلمه باطل! ولقد شهر الأحنف بالحلم ولكنه تكلم بكلام كثير يجرح في الحلم ويثلم في العرض. ولا يستطيع أحد أن يحكي عن العباس بن عبد المطلب ولا عن الحسن بن علي بن أبي طالب لفظا فاحشا ولا كلمة ساقطة ولا حرفا واحدا مما يحكى عن الأحنف ومعاوية! وكان المأمون أحلم الناس، وكان عبد الله السفاح أحلم الناس. وبعد، فمن يستطيع أن يصف هاشما أو عبد المطلب بالحلم دون غيره من الأخلاق والأفعال حتى يسميه بذلك ويخصه به دون كل شيء فيه من الفضل؟ وكيف وأخلاقهما متساوية وكلها في الغاية؟ ولو أن رجلا كان أظهر الناس زهدا وأصدقهم للعدو لقاء وأصدق الناس لسانا وأجود الناس كفا وأفصحهم منطقا وكان بكل ذلك مشهورا، لمنع بعض ذلك من بعض ولما كان له إلا إسم السيد المقدم والكامل المعظم، ولم يكن الجود أغلب على إسمه، ولا البيان ولا النجدة.

[٢٦- رد هاشم على ادعاء امية الخطابة]

وأما ما ذكرتم من الخطابة والفصاحة والسؤدد والعلم بالأدب والنسب، فقد علم الناس أن بني هاشم في الجملة أرق ألسنة من بني أمية. كان أبو طالب والزبير شاعرين، وكان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب شاعرا. ولم يكن في أولاد أمية بن عبد شمس لصلبه شاعر، ولم يكن في أولاد أمية إلا أن تعدوا في الاسلام العرجى من ولد عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن الحكم. فنعد نحن الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب، وعبد الله بن معاوية بن عبد الله إبن جعفر. وإن عددتم الخطابة والبيان والفصاحة لم تعدوا كعلي بن أبي طالب ولا كعبد الله بن العباس. ولنا من الخطباء: زيد بن علي بن الحسين، وعبد

<<  <   >  >>