للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٤- لا فرق بين الخراساني والتركي]

وأنّك أنكرت ذلك عليه أشدّ الإنكار، وقذعته أشدّ القذع، وزعمت أنّهم لم يخرجوا من الاتّفاق أو من شيء يقرب من الاتّفاق. وأنّك أنكرت التّباعد في النّسب، والتّباين في السّبب. وقلت: بل أزعم أنّ الخراسانيّ والتركيّ أخوان، وأن الحيّز واحد، وأن [حكم ذلك الشّرق، والقضيّة على] ذلك الصّقع متّفق غير مختلف، ومتقارب غير متفاوت. وأنّ الأعراق في الأصل إن لا تكن [كانت] راسخة فقد كانت متشابهة، وحدود البلاد المشتملة عليهم إن لا تكن متساوية فإنّها متناسبة؛ وكلّهم خراسانيّ في الجملة وإن تميّزوا ببعض الخصائص، فافترقوا ببعض الوجوه.

وزعمت أنّ اختلاف التركي والخراساني ليس كالاختلاف بين العجمي والعربيّ، ولا كالاختلاف بين الرّومي والصّقلبيّ، والزّنجيّ والحبشي، فضلا هما هو أبعد جوهرا وأشدّ خلافا. بل كاختلاف ما بين المكّي والمدني، والبدويّ والحضري، والسّهلي والجبلي، وكاختلاف ما بين الطائيّ الجبليّ والطائيّ السّهلي، وكما يقال: أنّ هذيلا أكراد العرب، وكاختلاف ما بين من نزل البطون وبين من نزل الحزون، وبين من نزل النّجود وبين من نزل الأغوار.

[٥- العرب أمة واحدة]

وزعمت أنّ هؤلاء وإن اختلفوا في بعض اللّغة، وفارق بعضهم بعضا في بعض الصّور، فقد تخالفت عليا تميم، وسفلى قيس، وعجز هوازن وفصحاء الحجاز، في اللّغة، وهي في أكثرها على خلاف لغة حمير، وسكان مخاليف اليمن، وكذلك في الصّورة والشمائل والأخلاق. وكلّهم مع ذلك عربيّ خالص، غير مشوب ولا معلهج ولا مذرّع ولا مزلّج. ولم يختلفوا اختلاف ما بين بني قحطان وبني عدنان، من قبل ما طبع الله عليه تلك البريّة من خصائص

<<  <   >  >>