للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس في الأرض عود أحسن خشبا ولا أغلى ثمنا، ولا أثقل وزنا ولا أسلم من القوادح، ولا أجدر أن ينشب فيه الخطّ من الآبنوس. ولقد بلغ من اكتنازه والتئامه وملوسته وشدّة تداخله، أنه يرسب في الماء دون جميع العيدان والخشب. ولقد غلب بذلك بعض الحجارة؛ إذ صار يرسب وذلك الحجر لا يرسب.

والإنسان أحسن ما يكون في العين ما دام أسود الشعر. وكذلك شعورهم في الجنّة.

وأكرم ما في الإنسان حدقتاه؛ وهما سوداوان. وأكرم الأكحال الإثمد، وهو أسود. ولذلك جاء أنّ الله يدخل جميع المؤمنين الجنة جردا مردا مكحّلين.

وأنفع ما في الإنسان له كبده التي بها تصلح معدته، وينهضم طعامه، وبصلاح ذلك قام بدنه، والكبد سوداء.

وأنفس ما في الإنسان وأعزّه سويداء قلبه، وهي علقة سوداء تكون في جوف فؤاده، تقوم في القلب مقام الدّماغ من الرأس.

ومن أطيب ما في المرأة وأشهاه شفتاها للتقبيل، وأحسن ما تكونان إذا ضارعتا السّواد.

وقال ذو الرّمّة:

لمياء في شفتيها حوّة لعس ... وفي اللّثاث وفي أنيابها شنب

وأطيب الظّلّ وأبرده ما كان أسود. وقال الراجز:

سود غرابيب كأظلال الحجر

وقال حميد بن ثور:

ظللنا إلى كهف وظلّت ركابنا ... إلى مستكفّات لهنّ غروب

<<  <   >  >>