للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلطتك لهم، والمؤمن الذى يخالط الناس ويصبر على أذاهم أو إيذائهم أفضل من المؤمن الذى لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم. وخلطتهم في الخير أفضل من عزلتهم فيه، وعزلتهم في الشر أفضل من خلطتهم فيه.

فإن علم أنه إذا خالطهم أزاله وقلله فخلطتهم خير من اعتزالهم، وهؤلاء هم أهل التعبد المطلق، والأصناف التى قبلهم أهل التعبد المقيد، فمتى خرج أحدهم عن الفرع الذى تعلق به من العبادة وفارقه يرى نفسه كأنه قد نقص ونزل عن عبادته فهو يعبد الله تعالى على وجه واحد.

وصاحب التعبد المطلق ليس له غرض في تعبد بعينه يؤثره على غيره، بل غرضه تتبع مرضاة الله تعالى، إن رأيت العلماء رأيته معهم، وكذلك في الذاكرين والمتصدقين وأرباب الجمعية وعكوف القلب على الله، فهذا هو الغذاء الجامع للسائر إلى الله في كل طريق والوافد عليه مع كل فريق. وأستحضر ههنا حديث أبى بكر الصديق رضى الله عنه وقول النبى صلى الله عليه وسلّم بحضوره «هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: هل منكم أحد أصبح اليوم صائما؟ قال أبو بكر:

أنا، قال: هل منكم أحد عاد مريضا؟ فقال أبو بكر: أنا، قال: هل منكم أحد اتبع اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا «١» ... » الحديث. هذا الحديث روى من طريق عبد الغنى بن أبى عقيل: ثنا نعيم بن سالم عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم جالسا في جماعة من أصحابه فقال: «من صام اليوم؟

فقال أبو بكر: أنا، قال: من تصدق اليوم؟ قال أبو بكر: أنا، قال: من عاد اليوم مريضا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: من شهد اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا، قال: وجبت لك» «٢» يعنى الجنة. ونعيم بن سالم وإن تكلم فيه لكن تابعه سلمة

<<  <   >  >>