للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا هى أسباب لها وإنما غايتها أن تكون أمارة.

والسنة النبوية هى أن عموم مشيئة الله وقدرته لا تنافى ربط الأسباب بالمسببات وارتباطها بها. وكل طائفة من أهل الباطل تركت نوعا من الحق فإنها ارتكبت لأجله نوعا من الباطل بل أنواعا، فهدى الله أهل السنة لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه «١» .

[رأى الفلاسفة والمتصوفة في العبادات:]

الصنف الثالث: الذين زعموا أن فائدة العبادة رياضة النفوس «٢» واستعدادها لفيض العلوم والمعارف عليها وخروج قواها من قوى النفس السبعية والبهيمية، فلو عطلت العبادة لالتحقت بنفوس السباع والبهائم، فالعبادة تخرجها إلى مشابهة العقول فتصير قابلة لانتقاش صور المعارف فيها. وهذا يقوله طائفتان:

أحدهما: من يقرب إلى الإسلام والشرائع من الفلاسفة القائلين بقدم العالم وعدم الفاعل المختار.

والطائفة الثانية: من تفلسف من صوفية الإسلام ويقرب إلى الفلاسفة، فإنهم يزعمون أن العبادات رياضيات لاستعداد النفوس للمعارف العقلية ومخالفة العوائد.

ثم هؤلاء من لا يوجب العبادة إلا بهذا المعنى، فإذا حصل لها ذلك بقى متحيرا فى حفظ أوراده والاشتغال بالوارد عنها.

ومنهم من يوجب القيام بالأوراد وعدم الإخلال بها، وهم صنفان أيضا:

أحدهما: من يقول بوجوبها حفاظا للقانون وضبطا للناموس.

والآخرون: يوجبونها حفظا للوارد وخوفا من تدرج النفس بمفارقتها إلى حالها الأولى من البهيمية، فهذه نهاية أقدامهم في حكمة العبادة وما شرعت لأجله، ولا تكاد تجد في كتب المتكلمين على طريق السلوك غير طريق من هذه الطرق الثلاثة أو مجموعها.

<<  <   >  >>