للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«بعضها» كقوله تعالى ... وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ...

«١» يريد به «البعض» ؛ والسّبل: الطرق، واحدها: سبيل، وأضافها سبحانه إليه؛ لأنه الذى خلقها وقد أذن النّحل في سلوكها، أى تدخل طرق ربّها لطلب الرّزق في الجبال، وخلال الشّجر.

وذلّل لها الطرق: أى سهّلها، تقول: «سبيل مذلّل» : أى سهل سلوكه، وقد يكون (ذللا) : حالا من النّحل، أى تنقاد، وتذهب حيث شاء صاحبها، وذلك أنها تتبع أصحابها حيث ذهبوا، وتقف موقف يعسوبها، وتسير بمسيرة «٢» .

و (ذللا) جمع ذلول وهو المنقاد: أى المطيع.

ثم عدّد تعالى على خلقه ما أنعم به عليهم من العسل الذى يخرج من النّحل، فإن في خروجه منها عبرة، فقال سبحانه: ... يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ ...

يعنى: العسل، فإنه من أفواه النّحل، لدلالة القرآن على أنها ترعى الزّهر، فيستحيل في أجوافها عسلا، ثم تلقيه من أفواهها فيجتمع منه القناطير المقنطرة.

روى عن علىّ بن أبى طالب- رضى الله عنه- أنّه قال- وقد حقّر الدنيا:

«أشرف لباسها لعاب دودة، وأشرف شرابها رجيع نحلة» ، وفي رواية: «إنما الدنيا ستة أشياء: مطعوم، ومشروب، وملبوس، ومركوب، ومنكوح، ومشموم؛ فأشرف المطعوم: العسل، وهو مذقة ذباب. وأشرف المشروب: الماء، ويستوى فيه البرّ والفاجر. وأشرف الملبوس: الحرير، وهو نسج دودة. وأشرف المركوب: الفرس، وعليها تقاتل الرجال. وأشرف المشمومات: المسك، وهو دم حيوان. وأشرف المنكوحات: فرج المرأة، وهو ميال» «٣» فقال قوم: «هذا يدل على خروج العسل من غير أفواه النحل» .

وقال قوم: «لا ندرى أيخرج من أفواهها أو من أسافلها، غير أنّه لا يتم

<<  <   >  >>