للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقام أبو نصر، وقبل الأرض واستأذن في إجارتها، فأذن له فقال:

وليلتنا هذه ليلة ... تشاكل أشكال إقليدس

فيا ربة العود حثّى الغنا ... ويا حامل الكأس لا تحبس

فخلع عليه وعلى جميع من حضر مجلسه، وحمل إليه حلة سنية.

ولله درّ الأديب مظفر بن محاسن الدلال، أحد شعراء دمشق في الأيام الناصرية يوسف بن غازى صاحب حلب، حيث يقول:

كن محسنا مهما استطعت فهذه الد ... نيا وإن طالت قصير عمرها

إن المآثر في الورى دراته ... يفنى مؤثّرها، ويبقى ذكرها

فترى الكريم كشمعة من عنبر ... ضاءت، فإن طفيت تضوّع نشرها

وما أحسن قول أبي الحسين عمر بن يعقوب الأنبارى «١» - أحد عدول بغداد- وقد رثى الوزير محمد بن محمد بن بقية، الملقب بنصر الدولة، وزير عز الدولة بختيار ابن معز الدولة أحمد بن بويه لما قتله عضد الدولة أبو شجاع فنّا خسره ابن ركن الدولة أبي الحسن بن بويه، وصلبه بقوله:

علو في الحياة، وفي الممات

............... الأبيات التى لم يقل في مصلوب مثلها، فلم يزل عضد الدولة يطلبه مدة سنة حتى أتاه بأمان فقال له:

«ما حملك على رثاء عدوى؟» .

فقال: «حقوق وجبت، وأياد سلفت، فجاش الحزن في قلبى، فرثيت» .

وكان بين يدى عضد الدولة شموع تزهر فقال: «هل يحضرك في هذه الشموع شىء» فأنشد ارتجالا:

كأن الشموع وقد أطهرت ... من النار في كلّ رأس سنانا

أصابع أعدائك الخائفين ... تضرّع تطلب منك الأمانا

فخلع عليه، وأعطاه فرسا وبدرة.

<<  <   >  >>