للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صَحِيح البُخَارِيّ قلت وَبَعض المغاربة رجحوا صَحِيح مُسلم على صَحِيح البُخَارِيّ وَالْجُمْهُور يَقُولُونَ أَن هَذَا فِيمَا يرجع إِلَى حسن الْبَيَان والسياق وجودة الْوَضع وَالتَّرْتِيب ورعاية دقائق الإشارات ومحاسن النكات فِي الْأَسَانِيد وَهَذَا خَارج عَن الْبَحْث وَالْكَلَام فِي الصِّحَّة وَالْقُوَّة وَمَا يتَعَلَّق بهَا وَلَيْسَ كتاب يُسَاوِي صَحِيح البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب بِدَلِيل كَمَال الصِّفَات الَّتِي اعْتبرت فِي الصِّحَّة فِي رِجَاله وَبَعْضهمْ توقف فِي تَرْجِيح أَحدهمَا على الآخر وَالْحق هُوَ الأول انْتهى قَالَ الْحَافِظ عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن الديبع نظم

(تنَازع قوم فِي البُخَارِيّ وَمُسلم ... لدي وَقَالُوا أَي ذين يقدم)

(فَقلت لقد فاق البُخَارِيّ صِحَة ... كَمَا فاق فِي حسن الصِّنَاعَة مُسلم) وَقَالَ بَعضهم نظم

(قَالُوا لمُسلم فضل ... قلت البُخَارِيّ جللا)

(قَالُوا البُخَارِيّ يُكَرر ... قلت المكرر أحلى)

قَالَ النَّوَوِيّ وَأما رجحانه من حَيْثُ الِاتِّصَال فلاشتراطة أَن يكون الرَّاوِي قد ثَبت لَهُ لِقَاء من روى عَنهُ وَلَو مرّة وَاكْتفى مُسلم بِمُطلق المعاصرة وَأما رجحانه من حَيْثُ الْعَدَالَة والضبط فَلِأَن الرِّجَال الَّذين تكلم فيهم من رجال مُسلم أَكثر عددا من رجال البُخَارِيّ مَعَ أَن البُخَارِيّ لم يكثر من إِخْرَاج حَدِيثهمْ وَأما رجحانه من حَيْثُ عدم الشذوذ والإعلال فَمَا انتقد على البُخَارِيّ من الْأَحَادِيث أقل عددا مِمَّا انتقد على مُسلم وَأما الَّتِي انتقدت عَلَيْهِمَا فأكثرها لَا يقْدَح فِي أصل مَوْضُوع الصَّحِيح فَإِن جَمِيعهَا وَارِدَة من جِهَة أُخْرَى وَقد علم أَن الْإِجْمَاع وَاقع على تلقي كتابهما بِالْقبُولِ وَالتَّسْلِيم إِلَّا مَا انتقد عَلَيْهِمَا وَالْجَوَاب عَن ذَلِك على الْإِجْمَال أَنه لَا ريب فِي تَقْدِيم الشَّيْخَيْنِ على أَئِمَّة عصرهما وَمن بعدهمَا فِي معرفَة الصَّحِيح والعلل وَقد روى الْفربرِي عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ مَا أدخلت فِي الصَّحِيح حَدِيثا إِلَّا بعد أَن استخرت الله تَعَالَى وَثبتت صِحَّته وَكَانَ مُسلم يَقُول عرضت كتابي على أبي زرْعَة

<<  <   >  >>