للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت١: قول من قال: لا يجوز أن يفتي بذلك، معناه أنه لا يذكره في صورة ما يقوله من عند نفسه، بل يضيفه ويحكيه عن إمامه الذي قلده، فعلى هذا من عددناه في أصناف المفتين من المقلدين ليسوا٢ على الحقيقة من المفتين، ولكنهم قاموا مقام المفتين وأدوا٣ عنهم فعدوا معهم، وسبيلهم في ذلك أن يقولوا٤ مثلا: مذهب الشافعي كذا وكذا، ومقتضى مذهبه كذا وكذا، وما أشبه ذلك، ومن ترك منهم٥ إضافة ذلك إلى إمامه إن كان ذلك "منه"٦ اكتفاء بالمعلوم من الحال عن التصريح بالمقال فلا بأس٧.

وذكر الماوردي في كتابه "الحاوي": في العامي إذا عرف حكم حادثة بناء على دليلها ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه يجوز أن يفتي به، ويجوز تقليده فيه، لأنه قد وصل إلى العلم به، مثل وصول العالم إليه.

والثاني: يجوز ذلك إن كان دليلها من الكتاب أو٨ السنة.

والثالث: وهو أصحها أنه لا يجوز ذلك مطلقًا٩.


١ في ش: "قال المصنف رضي الله عنه: قول ... ".
٢ في الأصل: "من ليسوا".
٣ في إعلام الموقعين: ٤/ ١٩٥ "وادعوا".
٤ في ف وج: "يقول".
٥ سقطت من ف وج.
٦ من ف وج وش وفي الأصل "منهم". وفي إعلام الموقعين: ٤/ ١٩٥ "كان ذلك اكتفاء منه".
٧ نقل الإمام ابن قيم الجوزية كلام ابن الصلاح هذا بنصه في "إعلام الموقعين" "٤/ ١٩٥-١٩٦". وقال: "قلت: ما ذكره أبو عمرو حسن إلا أن صاحب هذه المرتبة يحرم عليه أن يقول: "مذهب الشافعي" لما لا يعلم أنه نصه الذي أفتى به، أو يكون شهرته بين أهل المذهب شهرة لا يحتاج معها إلى الوقوف على نصه، كشهرة مذهبه في الجهر بالبسملة ... وأما قول الشيخ أبي عمرو: إن لهذا المفتي أن يقول: هذا مقتضى مذهب الشافعي مثلا، فلعمر الله لا يقبل ذلك من كل من نصب نفسه للفتيا حتى يكون عالمًا بمأخذ صاحب المذهب ومداركه وقواعده جمعًا وفرقًا ... ".
٨ في ف وج "والسنة".
٩ المجموع: ١/ ٨٠.

<<  <   >  >>