للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَترك ساترها لم يُغير مِنْهُ شَيْئا فَكل الْبناء الَّذِي فِيهِ الْيَوْم بِنَاء ابْن الزبير وَبِنَاء الْحجَّاج فِي الْحَائِط صلَة ظَاهِرَة للعيان لحْمَة ظَاهِرَة بَين البنائين وَالْبناء متميز عَن الْبناء بِمِقْدَار اصبع شبه الصدع وَقد لحم

ويعرض هَا هُنَا أشكال قوي لمنافاته لما يَقُوله الْفُقَهَاء فِي أَمر الطّواف ويحذر الطَّائِف عَن أَن يمِيل على الشاذروان الدائر على أساس الْجدر من أَسْفَلهَا فَيَقَع طَوَافه دَاخل الْبَيْت بِنَاء على أَن الْجدر إِنَّمَا قَامَت على بعض الأساس وَترك بعضه وَهُوَ مَكَان الشاذروان وَكَذَا قَالُوا فِي تَقْبِيل الْحجر الْأسود لابد من رُجُوع الطَّائِف من التَّقْبِيل حَتَّى يَسْتَوِي قَائِما لِئَلَّا يَقع بعض طَوَافه دَاخل الْبَيْت وَإِذا كَانَت الجدران كلهَا من بِنَاء الزبير وَهُوَ إِنَّمَا على أساس إِبْرَاهِيم فَكيف يَقع هَذَا الَّذِي قَالُوهُ وَلَا ومخلص من هَذَا إِلَّا بأ أحد أَمريْن إِمَّا أَن يكون الْحجَّاج هدم جَمِيعه وَأَعَادَهُ وَقد نقل ذَلِك جمَاعَة إِلَّا أَن العيان فِي شَوَاهِد الْبناء بالتحام مَا بَين بنائين وتمييز أحد الشقين من أَعْلَاهُ عَن الآخر فِي الصِّنَاعَة يرد ذَلِك وَإِمَّا أَن يكون ابْن الزبير لم يرد الْبَيْت على أساس إِبْرَاهِيم من جَمِيع جهاته وَإِنَّمَا فعل ذَلِك فِي الْحجر فَقَط ليدخله فَهِيَ الْآن مَعَ كَونهَا من بِنَاء ابْن الزبير لَيست على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم وَهَذَا بعيد وَلَا محيص من هذَيْن وَالله تَعَالَى أعلم

ثمَّ أَن مساحة الْبَيْت وَهُوَ الْمَسْجِد كَانَ فضاء للطائفين وَلم يكن عَلَيْهِ جدر أَيَّام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر من بعده ثمَّ كثر النَّاس فَاشْترى عمر رَضِي الله عَنهُ دورا هدمها وزادها فِي الْمَسْجِد وأدار عَلَيْهَا جدارا دون الْقَامَة وَفعل مثل ذَلِك عُثْمَان ثمَّ ابْن الزبير ثمَّ الْوَلِيد بن عبد الْملك وبناه بعمد الرخام ثمَّ زَاد فِيهِ الْمَنْصُور وَابْنه الْمهْدي ووقفت الزِّيَادَة واستقرت على ذَلِك لعهدنا

وتشريف الله لهَذَا الْبَيْت وعنايته بِهِ أَكثر من أَن يحاط بِهِ وَكفى من ذَلِك أَن جعله مهبطا للوحي وَالْمَلَائِكَة ومكانا لِلْعِبَادَةِ وَفرض لَهُ شَعَائِر الْحَج ومناسكه وَأوجب لحرمه من سَائِر نواحيه من حُقُوق التَّعْظِيم وَالْحق مَا لم يُوجِبهُ لغيره فَمنع كل من خَالف دين الْإِسْلَام من دُخُول ذَلِك

<<  <   >  >>