للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فطلقوهن لعدتهن} وَهُوَ الْمَفْهُوم من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث جَابر هَذَا حِين دلكت الشَّمْس ثمَّ لَا شكّ أَن الْوَقْت مُتَحَقق فِي حق من هُوَ لَيْسَ بِأَهْل للصَّلَاة لَا شتماله على أَحْوَاله مَعَ عدم الْوُجُوب فيتقدح عَلَيْهِ فيقدح من ذَلِك أَن السَّبَب أَمر وَرَاء الْوَقْت وَقد ذهب الْفُقَهَاء المتقدمون وَالْعُلَمَاء الْمُحَقِّقُونَ إِلَى أَن سَبَب وجوب الْعِبَادَات توالي نعم الله تَعَالَى وتواتر أنعامه وإحسانه إِلَيْنَا فِي كل وَقت وَمن كل وَجه وعَلى كل حَال كَمَا دلّت عَلَيْهِ الْآيَات الكريمات وَالْأَحَادِيث الصحيحات ثمَّ النعم لما كَانَت غير دَاخِلَة تَحت الضَّبْط والإحصاء وَكَانَ الْوَقْت ظرفا لحدوثها أديرت الصَّلَوَات مَعَه ووزعت على أَوْقَاتهَا تيسيرا للعباد وَإِقَامَة للظرف مقَام المظروف

ثمَّ أَن الْوَقْت مِقْدَار مَحْدُود من زمَان غير مَحْدُود وَهُوَ أَمر بديهي الْآنِية وَإِن كَانَ خَفِي اللمية لِأَن الزَّمَان مِقْدَار متجدد غير قار فلتجعله مَا شِئْت وسمه بِهِ وَإِنَّمَا جعل الطُّلُوع والزوال والغروب والغيبوبة وأمثالها عَلَامَات لوُجُود الصَّلَوَات ومعرفات لَهَا يتَمَكَّن بهَا الْخَاصَّة بِحُضُور الْأَوْقَات الْمعينَة للصلوات وَلَو سلم أَن الْوَقْت سَبَب الْوُجُوب مَعَ عدم مَسَافَة فَإِنَّمَا يَنْتَفِي وجوب الصَّلَاة بانتفائه علاماته الْمُفَارقَة من غيبوبة الشَّفق وَغَيرهَا

وَالَّذِي ثَبت من الْأَوْقَات لَا نسلم انتفاءه بِانْتِفَاء تِلْكَ العلامات ثمَّ حَدِيث إِمَامَة جِبْرِيل وَغَيره مِمَّا ذكر فِيهِ غيبوبة الشَّفق فِي بَيَان وَقت صَلَاة الْعشَاء وَالْمغْرب لَا تدل أصلا على اشْتِرَاط غيبوبتة لخُرُوج وَقت الْمغرب وَدخُول وَقت الْعشَاء لِأَن قَوْله حِين غَابَ الشَّفق وَإِن احْتمل بِالنّظرِ إِلَى نفس اللَّفْظ أَمريْن أَحدهمَا تَقْدِير الْمدَّة الْمعينَة وقتا لصَلَاة الْمغرب بالمدة الفاصلة بَين غرُوب الشَّمْس وغيبوبة الشَّفق فِي الْبِلَاد الَّتِي كَانُوا فِيهَا من غير أَن يكون تحقق الْعَلامَة شرطا لخُرُوج وَقت الْمغرب وَدخُول وَقت الْعشَاء بل يكون الشَّرْط تحقق الْمدَّة الفاصلة فَقَط سَوَاء تحقق الْعَلامَة أَولا

<<  <   >  >>