للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَوْجُود فِيهَا وَالْأَرْض غير عامرة فَلَمَّا تحرّك الْفلك حدث الْإِنْسَان الأول فِي معدل النَّهَار وتولد الْحَيَوَان وتوالد وتناسل الْإِنْس فكثروا وامتزجت أَجزَاء العناصر للكون وَالْفساد فعمرت الدُّنْيَا وانتظم الْعلم

وَقَالَ الْيَهُود الْمَاضِي من آدم إِلَى الْإِسْكَنْدَر ثَلَاثَة آلَاف وَأَرْبَعمِائَة وثمان وَأَرْبَعُونَ سنة

وَقَالَ النَّصَارَى الْمدَّة بَينهمَا خَمْسَة آلَاف وَمِائَة وَثَمَانُونَ سنة وَزَعَمُوا أَن الْيَهُود نقصوها ليَقَع خُرُوج عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْألف الرَّابِع وسط السَّبْعَة الآلاف الَّتِي هِيَ مِقْدَار الْعَالم عِنْدهم حَتَّى تخَالف ذَلِك الْوَقْت الَّذِي سبقت الْبشَارَة من الْأَنْبِيَاء الَّذين كَانُوا بعد مُوسَى ابْن عمرَان عَلَيْهِ السَّلَام بِوِلَادَة الْمَسِيح عِيسَى وَإِذا جمع مَا فِي التَّوْرَاة الَّتِي بيد الْيَهُود من الْمدَّة الَّتِي بَين آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَبَين الطوفان كَانَت ألفا وسِتمِائَة وستا وَخمسين سنة وَعند النَّصَارَى فِي إنجيلهم أَلفَانِ وَمِائَتَا سنة وَاثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ سنة

وتزعم الْيَهُود أَن توراتهم بعيدَة عَن التخاليط وتزعم النَّصَارَى أَن توراة السّبْعين الَّتِي هِيَ بِأَيْدِيهِم لم يَقع فِيهَا تَحْرِيف وَلَا تَبْدِيل وَتقول الْيَهُود فِيهَا خلاف ذَلِك وَتقول السامرية بِأَن توراتهم هِيَ الْحق وَمَا عَداهَا بَاطِل وَلَيْسَ فِي اخْتلَافهمْ مَا يزِيل الشَّك بل يُقَوي الجالبة لَهُ وَهَذَا الإختلاف بِعَيْنِه بَين النَّصَارَى أَيْضا فِي الْإِنْجِيل وَذَلِكَ أَن لَهُ عِنْد النَّصَارَى أَربع نسخ مَجْمُوعَة فِي مصحف وَاحِد أَحدهَا إنجيل مَتى وَالثَّانِي لمارقوس وَالثَّالِث للوقا وَالرَّابِع ليوحنا

قد ألف كل من هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة إنجيلا على حسب دَعوته فِي بِلَاده

وَهِي مُخْتَلفَة إختلافا كثيرا حَتَّى فِي صِفَات الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام وَأَيَّام دَعوته وَوقت الصلب بزعمهم وَفِي نسبه أَيْضا وَهَذَا الإختلاف لَا يحْتَمل مثله وَمَعَ هَذَا فَعِنْدَ كل من أَصْحَاب مرقيون وَأَصْحَاب ابْن ويصان إنجيل يُخَالف بعضه هَذِه الأناجيل ولأصحاب ماني إنجيل على حِدة يُخَالف مَا عَلَيْهِ النَّصَارَى من أَوله إِلَى آخِره ويزعمون أَنه هُوَ الصَّحِيح وَمَا عداهُ بَاطِل وَلَهُم

<<  <   >  >>