للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَالَ {أَتَى أَمر الله فَلَا تستعجلوه} ثمَّ رَجَعَ السُّهيْلي إِلَى تعْيين أمد الْملَّة من مدرك آخر لَو ساعده التَّحْقِيق وَقَالَ وَلَكِن إِذا قُلْنَا إِنَّه عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّمَا بعث فِي الْألف الآخر بَعْدَمَا مَضَت مِنْهُ سنُون ونظرنا إِلَى الْحُرُوف الْمُقطعَة فِي أَوَائِل السُّور وجدناها أَرْبَعَة عشر حرفا يجمعها قَوْلك ألم يسطع نَص حق كره ثمَّ تَأْخُذ الْعدَد على حِسَاب أبي جاد فَيَجِيء تِسْعمائَة وَثَلَاثَة

وَلم يسم الله تَعَالَى أَوَائِل السُّور إِلَّا هَذِه الْحُرُوف فَلَيْسَ يبعد أَن يكون من بعض مقتضياتها وَبَعض فوائدها الْإِشَارَة إِلَى هَذَا الْعدَد من السنين لما قدمْنَاهُ من حَدِيث الْألف السَّابِع الَّذِي بعث عَلَيْهِ السَّلَام فِيهِ

غير أَن الْحساب يحْتَمل أَن يكون من مبعثه أَو من وَفَاته أَو من هجرته وكل قريب بعضه من بعض فقد جَاءَ أشراطها وَلَكِن لَا تَأْتيكُمْ إِلَّا بَغْتَة

وَقد رُوِيَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ إِن أَحْسَنت أمتِي فبقاءها يَوْم من أَيَّام الْآخِرَة وَذَلِكَ ألف سنة وَإِن أساءت فَنصف يَوْم فَفِي الحَدِيث تتميم للْحَدِيث الْمُتَقَدّم وَبَيَان لَهُ إِذْ انْقَضتْ الْخَمْسمِائَةِ وَالْأمة بَاقِيَة

قَالَ ابْن خلدون قلت وَكَونه لَا يبعد لَا يَقْتَضِي ظُهُوره وَلَا التعويل عَلَيْهِ وَالَّذِي حمل السُّهيْلي على ذَلِك إِنَّمَا هُوَ مَا وَقع فِي كتاب السّير لِابْنِ اسحق فِي حَدِيث ابْني أَخطب من أَحْبَار الْيَهُود وهما أَبُو يَاسر وَأَخُوهُ حبي حِين سمعا من الأحرف الْمُقطعَة ألم وتأولاها على بَيَان الْمدَّة بِهَذَا الْحساب فبلغت إِحْدَى وَسبعين فاستقلا الْمدَّة وَجَاء حبي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَله هَل مَعَ هَذَا غَيره فَقَالَ المص ثمَّ اسْتَزَادَ المر ثمَّ اسْتَزَادَ المر فَكَانَت إِحْدَى وَسبعين وَمِائَتَيْنِ فاستطال الْمدَّة وَقَالَ قد لبس علينا أَمرك يَا مُحَمَّد حَتَّى لَا نَدْرِي أقليلا أَعْطَيْت أم كثيرا ثمَّ ذَهَبُوا عَنهُ

وَقَالَ لَهُم أَبُو يَاسر مَا يدريكم لَعَلَّه أعْطى عَددهَا كلهَا تِسْعمائَة وَأَرْبع سِنِين

<<  <   >  >>