للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلغوه إنما خلعه الله عليهم وحدهم بموجب عقد أبدي يجعل منهم شعب الله المختار".

وبذلك تردوا في خطأ مميت، ولعل هذه المفاهيم الخاطئة كانت سبباً في غضب الله عليهم حتى قال ذو العزة والجلال:

{قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}

وهنا أيضاً نتساءل عن الدافع الذي قاد اليهود إلى اعتبار أنفسهم شعب الله المختار، وإلى سيطرة تلك النفسية المميزة عليهم؟

ويكمن الرد على هذا التساؤل في الأحداث التي جلبها اليهود على أنفسهم فمنذ القدم قال لهم خليفة موسى عليه السلام يشوع بن نون - وهو يدخل أرض فلسطين: "بهذا تعلمون أن الله الحي في وسطكم، وطرداً يطرد من أمامكم الكنعانيين، والحثيين، والحويين، والفرزيين، والجرجاشيين، والأموريين، واليبوسيين".

قال لهم يسوع: "إن الله سيحارب عنكم، وينتزع أرضا من أهلها ويورثها لكم".

وسكن بنو إسرائيا أرض فلسطين منذ خروجهم من مصر سنة ١٣٧٥ ق. م. ومازالت تلك الشعوب في وسطهم. ومنذ تلك اللحظات الأولى بدت فيهم رغبة قاتلة لمنهضة الشعوب حولهم, ومناهضة الإمبراطوريات التي تكونت في الشرق الأوسط، وذلك بالعدوان على جيرانهم من الأمم الأخرى.

ولهذا عمد البابليون إلى اقتلاعهم من فلسطين، ونقلهم إلى بابل في عهد نبوخذ نصر، وفي سنة ٧٢٢ ق. م غزا سرجون الثاني ملك أشور فلطسين، ودمر هيكل سليمان، وسبى الإسرائيليين إلى بابل ونينوي، وداس مقدساتهم. ولا غرابة بعد ذلك في ضياع أصول التوراة والأنبياء والمزامير.

فلما انقضى أجل الإمبراطورية الأشورية بقيام إمبراطورية فارسية أسسها قورش، سمح لهم الفاتح الجديد بالعودة إلى فلسطين، ولم يطل بهم المقام إذ استولت روما على فلسطين في عهد بومباي العاهل الروماني سنة ٥٣ ق. م، فخضعوا للإمبراطورية

<<  <   >  >>