للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى المدعي والمدعى عليه:

اختلفت عبارات العلماء في تعريف المدعي، والمدعى عليه، فبعضهم عرف المدعي بأنه: "من خالف قوله الظاهر" والمدعى عليه بأنه "من وافق قوله الظاهر"، وقيل: المدعي هو: "من لا يجبر على الخصومة إذا تركها"، والمدعى عليه" من إذا ترك الخصومة يجبر عليها".

وقيل المدعي "من لا يستحق إلا بحجة" والمدعى عليه "من يستحق بقوله من غير حجة".

وقال محمد بن الحسن: المدعى عليه هو المنكر، ويدل لهذا ما ورد من قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "واليمين على من أنكر"، وروى "اليمين على المدعى عليه"، ولكن كما قال علماء الحنفية الشأن في معرفة المنكر والترجيح بين المدعي والمدعى عليه بالفقه يعني إذا تعارضت الجهتان: أي: جهة الادعاء، الصورة وجهة الإنكار المعنوي فالترجيح يكون بالمعنى؛ لأن الاعتبار للمعاني دون الصور.

وضربوا مثلا لذلك بالمودع -بفتح الدال- إذا قال: رددت الوديعة فهو من حيث الصورة يدعي رد الوديعة، فهو مدع صورة، لكن من حيث المعنى ينكر ضمان الوديعة، فهو من ناحية المعنى مدعى عليه.

ولهذا قال الحنفية: إن القول قول المودع -بفتح الدال- مع يمينه؛ لأنه من حيث المعنى منكر لضمان الوديعة، فيأخذ حكم المدعى عليه، ولا اعتبار بكونه مدعيا من حيث الصورة، فهو من حيث الصورة يدعي رد الوديعة، فلا اعتبار بذلك، لكن لو أقام المودع -بفتح الدال- بينة قبلت بينته؛ لأن البينة تقبل لدفع اليمين كما قال الحنفية، ولهذا قالوا في مسألة اختلاف الزوجين في قدر المهر فادعت المرأة الزيادة فإذا أقامت بينة، قبلت، وإن أقام الزوج بينة، تقبل أيضًا؛ قالوا: لأن البينة تقبل لدفع اليمين١.

هذه بعض أقوال علمائنا -رضي الله عنهم- في معنى المدعي والمدعى عليه، وقيل غير ذلك٢.


١ نتائج الأفكار، تكملة فتح القدير، لأحمد بن قويدر، ج٨، ص١٥٧.
٢ حاشية الشرقاوي على شرح التحرير، ج٢، ص٥٠٩، والمجاني الزهرية على الفواكه البدرية، ص٦٣، مطبعة النيل.

<<  <   >  >>