للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[شهادة العدو على عدوه]

العدو هو من يبغض المشهود عليه بحيث يتمنى زوال نعمته، ويحزن بسروره ويفرح بمصيبته.

وقد اختلف العلماء أيضًا في قبول شهادة العدو على عدوه، فيرى مالك والشافعي عدم قبولها، وهذا ما اختاره المتأخرون من فقهاء الحنفية١.

ويرى الحنابلة قبولها٢.

وبين العلماء أن العدو هنا هو العدو في الأمور الدنيوية، وأما العداوة في الأمور الدينية فليست قادحة في الشهادة، فتقبل شهادة المسلم على غير المسلم، وشهادة غير المبتدع على المبتدع٣.

الشرط الثامن من شروط أداء الشهادة: الرشد عند بعض الفقهاء:

اشترط الشافعية والمالكية في الشاهد أن يكون رشيدا، وعلى هذا فلا تقبل شهادة المحجور عليه بسفه عندهم٤.

الشرط التاسع: الذكورة في الشهادة بالحدود، والقصاص:

فلا تقبل -عند جمهور العلماء- شهادة المرأة في قضايا الحدود، والقصاص، وخالف ابن حزم الظاهري فأجاز شهادتها في الحدود والقصاص، فهي عنده تصلح شاهدة في كل شيء٥، وكذلك يرى الشوكاني جواز شهادة النساء في القصاص٦. ويرى البعض جواز شهادة النساء في كل شيء مع الرجال إلا الزنا؛ لأنه لا ينبغي أن تنظر النساء إلى جريمة الزنا وقت ارتكابها٧.

وقال عطاء بن أبي رباح: تجوز شهادة النساء مع الرجال في كل شيء، وتجوز على الزنا امرأتان وثلاثة رجال٨. وسنعود إلى هذا الموضوع مرة ثانية إن شاء الله تعالى، عند الكلام عن مراتب الشهادة.


١ في هذه المسألة قولان معتمدان عند فقهاء الحنفية: أحدهما عدم قبولها على العدو، وهذا اختيار المتأخرين، ثانيهما: أنها تقبل إلا إذا فسق بها.
٢ المغني، ج١١، ص٤٢٥.
٣ مغني المحتاج، ج٤، ص٤٣٥.
٤ حاشية الباجوري على شرح ابن قاسم، ج٢، ص٣٤٩، وحاشية الدسوقي، ج٤، ص٦٥، والمجاني الزهرية، ص٨٠.
٥ المحلى لابن حزم، ج٩، ص٣٩٥.
٦ نيل الأوطار، للشوكاني، ج٧، ص١٨٣.
٧ المحلى، لابن حزم، ج٩، ص٣٩٧.
٨ المحلى، ج٩، ص٣٩٨.

<<  <   >  >>