للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أقسام القرينة من حيث دلالتها]

اختلف الفقهاء المعاصرون في أقسام القرينة، فقسمها الدكتور عبد العال عطوة إلى قسمين:

أحدهما: ما تكون دلالته قوية بحيث تصل إلى درجة اليقين.

القسم الثاني: ما تكون دلالته ضعيفة بحيث تهبط إلى درجة الاحتمال البعيد الذي يعتبر في حكم العدم.

مثال للقسم الأول:

ومثل للقسم الأول بالمثال الذي ذكره ابن الغرس من علماء الحنفية في كتابه الفواكه البدرية١، وهو خروج إنسان من دار مضطربا خائفا، وملابسه ملوثة بالدماء، ويحمل سكينا كذلك ملوثة بالدماء، فدخل الناس الدار فور خروجه فوجدوا شخصا مذبوحا مضرجا بدمائه، ولم يجدوا في الدار غير هذا الذي خرج بهذه الهيئة، فهذه الأوصاف قرينة قوية تدل على أن هذا الذي خرج هو الذي قتل من بداخل الدار، واحتمال أن يكون قتل نفسه، أو أن شخصا آخر قتله وتسور الجدار وفر هاربا احتمال بعيد لا يلتفت إليه؛ لأنه احتمال غير ناشئ عن دليل.

مثال للقسم الثاني:

ومثل للقسم الثاني ببكاء الشاكي فإنه ليس دليلا على أن الباكي مظلوم، لاحتمال أن يكون البكاء مصطنعا.

ومثاله أيضًا -عنده- وجود رجل وامرأة أجنبية عنه في مكان مظلم ليلا، ولم ير أحد من الشهود حدوث أمر موجب إقامة عقوبة الزنا عليهما، فإن هذا لا


١ المجاني الزهرية لمحمد صالح بن عبد الفتاح بن إبراهيم الجارم، على الفواكه البدرية لمحمد بن محمد بن خليل المعروف بابن الغرس، ص٨٣.

<<  <   >  >>