للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشهور الأخيرة من السنة الأولى يبدأ الطفل في محاكاة الأفعال التي يؤديها الكبار، والواقع أن الطفل عندما يحرك الوسادة التي وضعت بواسطة الكبار داخل الأسرة، يعتبر هذا السلوك نوعًا من المحاكاة العكسية ومن وجهة نظر بياجيه أن المحاكاة تومئ إلى مستوى جديدًا من النشاط العقلي، ويسبق وجود أي نوع من النشاطات الأخرى بما فيها اللغة.

وفي بداية السنة الثانية، يظهر الطفل ما يسميه بياجيه بردود الفعل ذات الصورة الثالثة Tertiary Circular Reactions وهي تميز المرحلة الخامسة في الفترة الحسية الحركية, ويبدأ الأطفال في تلك المرحلة توجيه مقاصدهم وبحثهم عن الأشياء كما يبتكرون أشياء جديدة غير مألوفة, فقط مجرد التكرار بعد اكتشافها عن طريق الصدفة كما كانوا فيما سبق، فالطفل في ذلك الوقت يسير بصورة نشطة الموضوعات لكي يكتشف خصائصها وسماتها, وبهذه الطريقة يبدأ الطفل في أن يرى نفسه كوسيلة مسببة كما أنه يتمسك بمفاهيم معينة للسبب والنتيجة.

ورد الفعل الدائري ذو الصورة الثالثة نشاهده عند ملاحظة الطفل بعض الأشياء خارج سريره، ويتضمن رد الفعل التمسك أو التعلق بالأشياء أو تحريره لمخططات الرؤية والمشي، وكذلك للمخطط السمعي لسماعه صوت الشيء يرتطم بالأرض, وبعد أن يكون هذا الشيء قد استرد "وغالبًا ما يكون بواسطة الآباء" نجد الطفل يكرر هذه العملية حيث يسقط أشياء أخرى "لكي يرى ما الذي سيحدث لها" أو أن يسقط نفس الشيء من ارتفاع مختلف وبقوة مختلفة حتى يرى كيفية تأثير هذا التنوع على الشيء.

وعمومًا فإن ردود الفعل ذات الصورة الثالثة تمكن الأطفال من تعلم أن التغير في سلوكهم يمكن أن ينتج تغيرًا مساويًا مع التغير في الأحداث الخارجية، كما يبدءون تفهم أن بإمكانهم التعامل والتحكم في بعض عناصر بيئاتهم بواسطة أفعالهم الخاصة، ويتعلمون كذلك أن سلوكهم يمكن أن يضبط بواسطة الآخرين "وقد يرجع ذلك لكونهم يسيرون بخطى قصيرة قلقة ويقعون في ضرر أو أذى", كما يتعلمون بالإضافة أن بعض الأشياء غير المألوفة التي يؤدونها لا تسبب رضا الوالدين.

وأثناء منتصف السنة الثانية يظهر الأطفال ما يسميه بياجيه ببدايات

<<  <   >  >>