للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأكثر والأقل، وقبل وبعد، نجد الأطفال يعتقدون أن الحياة والموت مترادفان، فبالنسبة لطفل الثالثة والرابعة لا يعني الموت لديه انتهاء الحياة، ويرجع ذلك إلى أن الحياة عنده بمثابة خاصية دائمة للأشياء مثل صلابتها أو ألوانها، والموت لديه يشبه الاختفاء المادي يكون مؤقتا فقط، وهذه محادثة بين أحد الأخصائيين وطفل في الثالثة والنصف من عمره.

أ: لماذا تدفن الأموت تحت الأرض؟

ب: أين تعتقد بأنهم يجب أن يدفنوا؟

أ: من الممكن وضعهم في النفاية.

ب: لماذا يمكن وضعهم في النفاية؟

أ: من الأسهل عليهم أن يخرجوا منها.

وبحلول فترة الطفولة الوسطى يبدأ الأطفال إدراك أن الموت هو نهاية الحياة بالمعنى المادي أو الفسيولوجي, وعادة ما يكون مفهوم الموت بمثابة خبرة مخيفة مرعبة بالنسبة للطفل.

والخاصية الأخيرة لتفكير الأطفال الصغار ما بين ٢-٥ سنوات هي القصدية أو الغرضية purposivism، حيث يعتقدون أن كل الأشياء في العالم عملت بواسطة الإنسان، ولأجل الإنسان، وبالتالي فكل شيء له قصد أو غرض, وكلمة "لماذا" الشهيرة عند أطفال هذه المرحلة يجب أن نتفهمها من وجهة النظر هذه, فعندما يسأل الطفل: لماذا تشرق الشمس؟ لماذا يكون لون الشجر أخضر؟ فإنه يريد أن يعرف أسباب ذلك، وعلى ذلك فالإجابات المناسبة: "لكي تبقينا في حالة دفئ". أو: "لكي يخفي يرقان الفراشة ولا تستطيع أن تأكلها الطيور، وهناك إجابات أخرى كذلك لا تكون مضللة أو خاطئة بصورة كاملة إلا أنها تكون ذات معنى بالنسبة للطفل وعلى ذلك فالحقائق المطولة عن الحرارة والضوء التي تفسر أشعة الشمس قد لا تساعد الطفل على تفهم السؤال الحقيقي الذي يسأله.

وهدف هذا الوصف الموجز السابق، نقصد منها لإشارة إلى أن الأطفال الصغار لا يكون لديهم تصورًا كاملا للعالم، إلا أنه يتسم بالغنى على الرغم من أنه يختلف عن ذلك للراشد، وعلى ذلك فإن عقل الطفل الصغير لا يكون لوحًا فارغًا يجب أن يملأ بواسطة الخبرة، والطفل بالتالي يبني عالمه التصوري الخاص به، وجزء من نموه يتمثل في تعلم العالم التصوري للراشدين بالإضافة إلى التخلي أو الكف التدريجي عن تصوره الطفلي للعالم المحيط به.

<<  <   >  >>