للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجيرته ورفاقه والنظم التي تتفق مع ميوله وتختلف طبيعة هذا التعلق باختلاف الأوقات والظروف.

وإذا كانت عاطفة الحب تستند إلى حاجة الطفل إلى السند والتأييد والمعاشرة، فإن تغير الميول بتقدم تطور نمو الطفل وتعلمه يلعب دورًا هامًا في تحديد أسلوب التعبير عن هذا الاستعداد والموضوعات التي يتجه إليها, فحب الطفل لوالديه يتأثر بما يحيطانه به من عناية ورعاية، كما أنه عن طريق الاتصال بالأشياء الجامدة في حياته اليومية، يكتسب شغفًا يلعبه أو ببعض الأدوات المنزلية أو غير ذلك من الأشياء التي يرى أنها أبلغ قيمة من سواها من الأشياء الجديدة والثمينة, وعندما ينضج الطفل جنسيًا، فإن الحنان والرغبة يصبحان عنصرين من عناصر محبته لأفراد الجنس الآخر كما أن إنجاب الأطفال يثير محبة تتضمن عناصر جديدة من الدوافع والمشاعر.

وجميع مظاهر الحب سواء أكانت تعلقًا بإحدى الدمى أو ببعض الحيوانات الأليفة مثلا، أو بالأبوين أو الزوج أو الأطفال أو الزملاء أو الكلية أو الوطن تتضمن درجات متفاوتة من حب الذات, ومع ذلك فإن امتداد الحب من الذات إلى الغير يبدأ من حيث استعداد بعض الناس لتنمية ذلك الحب بدرجة تجعلهم يهبون أنفسهم لغيرهم فيسرون لما يلقاه هؤلاء من توفيق ويتجهون برفعتهم كغاية في ذاتها. ويثير هذا الاستعداد للحب أمور مألوفة لا حصر لها أثناء رعاية الأم لوليدها كما قد يثيره أحيانًا كارثة تحل بالبيت أو المجتمع، أو ما يقع من الأحداث الطارئة والكوارث القومية وهو بالغ الأثر كوقاية من الانحلال الاجتماعي.

ويلعب الحب دورًا كبيرًا في حياة الطفل وفي دفع شخصيته نحو الاتزان والنضج الشخصي الاجتماعي, فمحبة الكبار عنصر هام لنمو الطفل نموًا سويًا, فالشخص يظل طيلة حياته تواقًا إلى اليقين بأنه مرغوب فيه وبأنه ينتمي إلى جماعة معينة ويستطيع الاعتماد على ولاء غيره من أعضاء الجماعة وإخلاصهم ومثل هذه المظاهر في فترة الطفولة لا تولد الرضى والأمن فحسب بل تزود الطفل بالقدرة أيضًا التي يحاول أن يبررها في الوقت الملائم، ولذلك فإن الطفل المحروم من الحب دون باقي الأفراد بالأسرة يكون في موقف يبعث على الرثاء وتتسرب في ذاته مشاعر العدوان التي قد تتجه نحو الذات أو نحو الآخرين.

<<  <   >  >>