للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطلبوا منه آية تثبت لهم صدقه، فأخذ عليهم الميثاق أن يؤمنوا بدعوته حين ظهور المعجزة المؤيدة له، لكنهم لم يلتزموا جميعا بما اتفقوا معه عليه، جاء في الكامل لابن الأثير أن ثمود قالوا لصالح: اخرج معنا في يوم عيد لهم فأرنا آية، تدعو إلهك لها، وندعو آلهتنا أن لا يستجاب لك، فإن أستجيب لك اتبعناك، وإن لم يستجب لك اتبعتنا ... فوافقهم على ذلك، ودعوا أصنامهم، وقالوا لصالح: ادع ربك يخرج لنا من هذه الصخرة "وعينوها" ناقة جوفاء عشراء، فإن خرجت صدقناك، فلما خرجت صدقه سيد قومه، وطائفة معه، ولم يؤمن الآخرون١.

وقال لهم صالح: {وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ} ٢. إنها ليست مملوكة لأحد، فاتركوها في أي أرض لا مالك لها منكم تأكل منها، ولا تمسوها بأدنى سوء، والماء بينكم وبينها قسمة، قال تعالى: {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} ٣، وعرفهم أنهم إن مسوها بسوء, فسيحل عليهم عذاب قريب، يهلكهم بعد ثلاثة أيام من الإساءة إليها.

وبظهور الناقة المعجزة انقسمت ثمود إلى فريقين؛ فريق آمن برسالة صالح، وصدق بالله، وأخذ يدافع عن إيمانه بالحجة والبرهان، وفريق استمر على ضلاله وكفره، وعناده، وأبى الكافرون أن تستمر الخصومة فكرا وجدلا، وإنما دفعهم الكبر إلى شتم صالح والمؤمنين معه, قال تعالى: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} ٤.


١ الكامل لابن الأثير ج١، ص٨٩، ٩٠.
٢ سورة هود آية: ٦٤.
٣ سورة الشعراء آية: ١٥٥.
٤ سورة النمل آية: ٤٧.

<<  <   >  >>