للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١- حركة إبراهيم بالدعوة مع أبيه:

آزر هو أبو إبراهيم -عليه السلام- واسمه في التوراة "تارح" وربما كان هذا لقبه.

عمل آزر بصناعة التماثيل من الخشب، ونحتها من الحجارة، وكان يعطيها إبراهيم ليبيعها، يروي ابن الأثير أن إبراهيم -عليه السلام- كان يعرضها على الناس, ويقول: من يشتري من لا يضره، ولا ينفعه، فلا يشتريها أحد، وكان يأخذها وينطلق بها إلى النهر, فيصوب رءوسها فيه, ويقول: اشربي، اشربي, استهزاء بها١ ... لأن الله أعطاه الرشد، وسعة العقل قبل النبوة٢، فأدرك ما في تأليه الأصنام وعبادتها من ضلال، فقال ما قاله، وفعل ما فعله بها، ومن دلالة رشده في تصرفه عند بيع الأصنام أنه لم يعص أباه، ولم يقل كذابا، ولم يغش أحدا، ولم يترك واجبا ... !!

فلما بلغ مبلغ الرسالة، وكلفه الله بالتبليغ, بدأ بدعوة أبيه برا به؛ لأن من البر إرشاد الأب إلى ما فيه سعادته في الدنيا والآخرة، وقد أحسن الوالد لابنه بتربيته والإنفاق عليه, وواجب على الابن رد هذا الإحسان بدعوته إلى الحق، وجذبه إلى صراط الله المستقيم.

وحتى يقطع اعتراض الناس إذا اعترضوا, وقالوا: لماذا لم تدع أباك إلى ما تدعونا إليه، ولو كانت دعوتك خيرا لبدأت بأبيك وأهلك؟!


١ الكامل ج١، ص٩٦، يتحدث المؤرخون عن آزر، ويقولون: إنه أبو إبراهيم، أو عمه، والأولى أخذ قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ} على ظاهره, فهو أبوه.
٢ أشار المفسرون إلى هذا الرشد, عند تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ} .

<<  <   >  >>