للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حوارهم، ومواجهتهم، ولجأ إلى إثبات عجز الأصنام عمليا عسى أن يكون العمل أجدى من مجرد الكلام لو كانوا يعقلون. وخطط لما أراد، يقول الله تعالى عن خطة إبراهيم تلك: {فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ، مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ، فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} ١، وقال تعالى: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ، فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} ٢.

والآيات تبين ما فعله إبراهيم -عليه السلام- فقد أقسم للناس وأكد لهم أنه سيكيد للأصنام بعد رجوعهم إلى بيوتهم، فلما رجعوا إلى بيوتهم ذهب إبراهيم إلى بيت أصنامهم ووجد عندها طعاما تركه القوم للآلهة تأكل منه، وتباركه، فقربه إبراهيم للأصنام، مستهزئا، ساخرا وهو يناديهم: ألا تأكلون؟ ما لكم لا تنطقون؟ ثم أحضر فأسا وكسر بها أصنامهم، وقطعها جذاذا إلا كبيرهم، فقد تركه، وعلق الفأس برقبته؛ ليؤكد لهم عمليا فساد عقيدتهم، وهوان آلهتهم؛ لأنها لا تنفع ولا تضر, ولا تعقل ولا تنطق, ولا تدفع عن نفسها شيئا ... !!

وفوجئ الناس بتكسير الآلهة، وعظم الفعل على جهالة الجبابرة، فعزموا على أن ينتقموا لأصنامهم من هذا الجاني الذي أهان دينهم، وكسر أصنامهم، ووضعهم في حال ضعف وضياع.

وبدل أن يراجعوا أنفسهم، ويتركوا عبادة الأصنام؛ لأنها لو كانت آلهة حقيقية لحفظت نفسها, وهزمت هذا المعتدي، ولأخبرتهم بهذا الذي بيّت لها ولهم، بدل هذه المراجعة أخذتهم العزة بالإثم، واجتهدوا في كشف الفاعل ومعاقبته.

... وكانت محاكمة إبراهيم -عليه السلام- بواسطة سلطة الضلال ...


١ سورة الصافات الآيات: ٩١-٩٣.
٢ سورة الأنبياء الآيات: ٥٧, ٥٨.

<<  <   >  >>