للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في أموال الناس؛ لأنهم لو آمنوا لسلكوا هذا المسلك الطيب من تلقاء أنفسهم، فما يعطيه الله كافٍ، وهو الخير كله.

لكن القوم لم يسمعوا ولم يؤمنوا، واستمروا في جهالتهم وضلالهم, وقاموا بالرد على شعيب ومواجهته بعدة صور:

فمرة يستميلونه بالمدح, قائلين له: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} ١، ظنا منهم أنه باحث عن مجد شخصي، وراغب في السلطان والتعظيم، لكنه -عليه السلام- ليس من هذا الطراز، فهو رسول الله؛ ولذلك لم يتأثر بمديحهم.

وأخرى يتهمونه بالكذب في دعوى أنه رسول، وفي قوله: إن الله إله واحد، قائلين, ما حكاه الله تعالى: {وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} ٢، فكذبوه في رسالته؛ لتصورهم أن الرسالة لا تكون لبشر؛ ولذلك عدوه واحدا من الكاذبين الذين يدعون الرسالة بين الحين والحين، فوضعوا أنفسهم في موطن الحكم على رسالة الرسول بلا بينة أو برهان، وذلك من ضلالهم، وعدوانهم.

ومرة يتهمونه بأنه مسحور، قائلين له: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} ٣، ولم يبينوا له من سحره؟ ولم يذكروا دلالة السحر في دعوته لهم, وهل المسحور يعرض قضية تتصل بالعقيدة والشريعة والأخلاق بهذه الصورة التي عرضها لهم؟

إن كل الدلائل تشير إلى كذب القوم, وضلالهم في هذه الدعوة.

ومرة يتصورونه جاهلا يمنعهم من حرية التصرف, فيقولون متهكمين كما قال تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} ٤، فهم بقولهم هذا يهزءون


١ سورة هود آية: ٨٧.

<<  <   >  >>