للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعهد الأبناء لأبيهم بالمحافظة عليه، وأكدوا أمامه أنهم يحبون له ما يحبونه لأنفسهم، وهم جماعة لا يقدر الذئب عليهم، ولا خير فيهم إن غلبهم الذئب وأكله.

فوافق يعقوب -عليه السلام- على إرساله معهم، يصور القرآن الكريم الحوار بين يعقوب وبنيه، فيقول سبحانه: {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ، أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ، قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ، قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ} ١.

وأخذوا يوسف معهم، وذهبوا به إلى بئر يرتاده السيارة من التجار للتزود بالماء، وعزم جمعهم على تنفيذ ما اتفقوا عليه، فألقوه في الجب، ونزل جبريل فحمله، ووضعه في جانب من البئر بحيث لا يصل إليه الماء، وبشره بالفرج، وعلو الشأن، وأنه سينجو، وأن الله سيجمعه بأبيه وإخوته بعدما يمكن له في الأرض، يقول تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} ٢.

وجاءوا لأبيه بقميصه الذي خلعوه منه، وعليه بعض الدم، وقالوا له: إنا شغلنا بالرمي والسبق عن يوسف، فأكله الذئب، وحاولوا إخفاء جرمهم بأن جاءوا متأخرين ليلا على غير عادتهم، وبالبكاء الحار لفراقه، وبقميصه الملوث بالدم، يقول تعالى: {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ، قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ، وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} ٣.


١ سورة يوسف الآيات: ١١-١٤.
٢ سورة يوسف آية: ١٥.
٣ سورة يوسف الآيات: ١٦-١٨.

<<  <   >  >>