للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصَّادِقِينَ} ١.

نظر الملك إلى القميص، فلما رآه قد من دبر علم الحقيقة، وتأكد من صدق يوسف وبراءته، فقال ليوسف ولزوجته، ما حكاه الله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ، يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} ٢، أراد الملك بذلك ستر الموضوع بتركه، والتوبة عنه، والاستغفار له، لكن أمر النساء لا يبقى سرا أبدا.

وسرعان ما أخذ النسوة يتحدثن عن امرأة العزيز، وشغفها بحب يوسف، وخيانتها لزوجها، وتفريطها في طهارتها، سمعت امرأة العزيز بحديث النسوة، وأرادت إحاطتهن بما لم يحطن به ليعذرنها، فدعتهن إلى طعام، وأجلستهن على المقاعد الوثيرة، وسلمت كل واحدة سكينا تستعمله في أكلها، وبدل أن تحضر لهن الطعام أخرجت يوسف إليهن بحسنه وجماله، فلما رأينه سحرن به، وقطعن أيديهن بالسكاكين، وهن لا يدرين، وقالوا جميعا: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} ٣، حينئذ أبدت امرأة العزيز عذرها، قال تعالى: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ} ٤, يرى يوسف هذا الموقف فيعلن بكل وضوح، أن السجن أحب إليه من ارتكاب ما يدعونه إليه، ويسأل الله تعالى أن يصرف عنه كيد النسوة ليبقى طاهرا، نظيفا.


١ سورة يوسف آية: ٢٦, ٢٧.
٢ سورة يوسف آية: ٢٨, ٢٩.
٣ سورة يوسف آية: ٣١.
٤ سورة يوسف آية: ٣٢.

<<  <   >  >>