للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكافأه الله أيضا على صبره الجميل، بأن أعاد له أهله ومثلهم معه، يقول تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} ١.

وللعلماء في إعادة أهله له, أقوال متعددة:

الأول: أن الله أحياهم بأعيانهم, وآتاه مثلهم في الدنيا، وينسب هذا القول إلى ابن عباس وابن مسعود ومجاهد رضي الله عنهم.

الثاني: أن الله تعالى خيّره بين إحضارهم بذواتهم، أو تركهم في الجنة على أن يؤتى له بأمثالهم، فاختار بقاءهم في الجنة، وإحضار أمثالهم له في الدنيا.

الثالث: أوتي أجرهم في الآخرة، وأعطي أمثالهم في الدنيا٢.

ومع الآراء الثلاثة, فقد أوتي بأمثالهم، وضاعف الله في نعمه ... ومن عجيب قدر الله أن زوجته لما جاءته بعد أن اغتسل، وألبسه الله حلة من الجنة لم تعرفه، فقالت له: يا عبد الله, أين ذهب هذا المبتلى الذي كان ههنا؟ فوالله القدير ما رأيت رجلا أشبه به منك إذ كان صحيحا، فقال لها: فإني أنا هو، وأعاد الله لزوجته شبابها، وأنجبت له عددا من الأولاد.

وبالنسبة لقسمه الذي حلف فيه: ليضربنها، فقد علمه الله حيلة يبر بها قسمه، من غير إيذائها، رحمة به وبها، قال الله تعالى له: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} ٣.

فأخذ بيده حزمة من الحشيش الأخضر اللين، بها مائة عود صغير، وضربها به مرة واحدة خفيفة، وبذلك بر قسمه، ولم يؤذ زوجته.


١ سورة ص آية: ٤٣.
٢ تفسير ابن كثير ج٣ ص١٨٩، ١٩٠، وقد رجح الرازي في تفسيره الرأي الأول ج١٣ ص٢١٥.
٣ سورة ص آية: ٤٤.

<<  <   >  >>