للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذه الآية شرط الله لمن دعاه أن يجيبه، كما أجاب يونس، وينجيه كما نجاه، وهو قوله: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} ١.

يروي أبو داود في سننه عن سعد بن أبي وقاص عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "دعاء ذي النون في بطن الحوت: "لا إله إلا أنت, سبحانك إني كنت من الظالمين" لم يدعُ به رجل مسلم في شيء قط إلا استُجيب له" ٢.

يقول الدكتور عبد الحليم محمود: "لقد كان يونس -عليه السلام- مسبحا، أي: منزها لله تعالى، نادى ربه بدعوة في غاية الحق، إنها:

أولا: توحيد: "لا إله إلا أنت".

وثانيا: تنزيه: "سبحانك".

وثالثا: اعتراف بالتقصير: "إني كنت من الظالمين" ٣.

ولعل أقوى ما يربط العابد بربه مداومة الذكر، في تضرع وخشوع؛ لأنه بذلك يلتزم باب ربه، كسائل يلازم الباب لحاجته، فلا يلبث الباب إلا أن ينفتح، وينال مراده.... يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم, وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ " قالوا: بلى يا رسول الله!

قال صلى الله عليه وسلم: "ذكر الله تعالى".

فقال معاذ بن جبل: ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله٤.

ويقول صلى الله عليه وسلم: "ما من قوم يذكرون الله إلا حفّت بهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده" ٥.


١ سورة الأنبياء آية: ٨٨.
٢ سنن أبي داود.
٣ في رحاب الأنبياء والرسل ص١٢٦.
٤ سنن الترمذي ج٥ ص٤٥٩.
٥ سنن الترمذي ج٥ ص٤٦٠.

<<  <   >  >>