للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فألقوها عليها، وإن كفرت فهي امرأتي، فلما أتوها وسألوها رفعت رأسها إلى السماء فأبصرت بيتها في الجنة، فمضت على قولها، وتمسكت بإيمانها، فنزع الله روحها، فلما ألقيت الصخرة، ألقيت على جسد بلا روح.

عن سلمان: كانت الملائكة تظللها من الشمس بأجنحتها....

وعن أبي العالية: إن فرعون جاء لمشاهدتها وهي تعذب، فأراها الله بيتها في الجنة فضحكت، فقال فرعون: أتعجبون لهذه المجنونة، نحن نعذبها، وهي تضحك؟!!

وعن امرأة فرعون يقول الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} ١، وجعل الله إيمان آسية مثلا يضربه للمؤمنين الذين تنكشف أمام بصائرهم الحقائق، فيتمسكون بها، ولا تغرنهم الدنيا، ولا يلعب بعقولهم إبليس وجنوده.

إن امرأة فرعون ضربها الله مثلا عاليا من عدة وجوه:

أ- اختارت أن تكون عند الله، وتحيا في جنته، بعيدا عن ملك فرعون، وقصوره، وخدمه، وحشمه، لأن دنيا هؤلاء الناس.... على نقيض حكم الله، ليس لها قيمة وإن تزخرفت، وتزينت.

ب- طلبت أن يكون لها بيت واحد في الجنة عند الله، وبذلك اختارت الجار قبل الدار، ولبيت كريم بصحبة كرام خير من ألف بيت يسكنه لئام، ظالمون.

ج- تبرأت من ظلم فرعون، وعمله، برغم أنها تعيش معه، لكنها لم تتأثر بضلاله، فجعلها الله مثلا للمؤمنين؛ ليعلموا أن الله حكم عدل، لا يؤاخذ أحدا إلا بذنبه، وأنه لا يضر المؤمن أن يعاشر الكافرين والظلمة، إذا كان محتاجا إليهم، ما دام


١ سورة التحريم آية: ١١.

<<  <   >  >>